سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
التوانسة.. يحولون المسابقات الكروية إلى "مسلسل كوميدي" مدرب يتجول بين 5 أندية خلال 7 أشهر وآخر يعمل في المملكة منذ أكثر من 20 عاما.. ورؤساء الأندية ضلع أساسي في تهميش "الوطني"
قد يتهيأ لك أنك تتحدث عن مسلسل كوميدي عندما تتناول تعاقدات بعض الأندية السعودية مع الأجهزة الفنية، وبالتحديد مع المدربين التوانسة، الذين يشكلون السواد الأعظم في دوريات الأولى والثانية والثالثة السعودية. فمن يصدق أن يتنقل مدرب "تونسي" بين 5 أندية سعودية خلال 7 أشهر فقط، منها ناديان في ظرف 15 يوما؟ وهناك مدرب تونسي آخر يتنقل بين الأندية السعودية منذ أكثر من 20 عاما، وآخر درب أحد المدربين الوطنيين المعروفين عندما كان لاعبا في درجة الشباب. والأدهى من ذلك كله أن بعض هؤلاء المدربين التوانسة لا يحمل رخصة تدريب وكل ما يملكه هو دورات تنشيطية. الجبال نموذج للنجاح بالأمس وقف الجميع احتراما للمدرب التونسي فتحي الجبال الذي حقق إنجازا تاريخيا بعدما قاد الفتح للتتويج بلقب دوري المحترفين السعودي. وهو الإنجاز الذي يحسب لكل المدربين التونسيين، كما أن هناك مدربين كبارا في الدوري السعودي لا يمكن تجاهلهم من بينهم أحمد العجلاني وعمار السويح.. إلخ.. ولكن لا يمنع أن هناك من أساء لسمعة المدرب التونسي من أبناء جلدتهم بعدم تطوير نفسه وكثرة تنقلاته وبقائه في السعودية عقودا من الزمن يتنقل بين عدد من الأندية. مكرم والرقم القياسي التونسي مكرم عبدالله، ضرب الرقم القياسي في التنقل بين الأندية السعودية، حيث درب 5 أندية خلال عام واحد، منها 4 أندية في أقل من 7 أشهر وهي أندية "العروبة" و"أحد" و"الشعلة" و"الفيحاء" و"نجد"، ومن بينها أيضا ناديان خلال 15 يوما وهو الأمر الذي يرسم أكثر من علامة استفهام! وواجهت "الوطن" مكرم بهذه الحقيقة، فأكد أنه درب 4 أندية خلال هذه الفترة فقط ولم يجلس في الفيحاء إلا أسبوعا فقط. وقال: "تحدثت مع رئيس النادي برغبتي في العيش بالمدينةالمنورة، وتوافق ذلك مع وجود عرض من نادي أحد فوافق على ذلك وغادرت سريعا إلى المدينة". وأضاف: "الكل يرغب في الاستمرار ولكن الظروف تجبر الشخص على التنحي أو الإقالة، فعندما دربت فريق أحد رفضت عودة لاعب، بينما أصرت الإدارة على عودته وهو ما جعلني أقدم استقالتي". وواصل: "عندما كنت أدرب فريق نجد طلب رئيس العروبة مريح آل مريح من رئيس نجد التنازل عني لصالح العروبة الذي كان يعاني وقتها من شبح الهبوط للثانية، فوافق رئيس نجد وغادرت للعروبة الذي دربته 4 مرات، وصعدت به من الثانية للأولى". واستطرد مكرم: "أما الشعلة فقد دربته عدة مرات خلال ال5 سنوات التي قضيتها في السعودية". وأشار إلى أن المدربين التوانسة يحملون أعلى الشهادات في علم التدريب، وأضاف: "أنا على يقين أن الاتحاد السعودي لو اشترط تدريب أنديته على رخصة التدريب، لن يبقى في السعودية إلا المدربون التوانسه فقط". وأضاف: "كلنا يعرف المدرب التونسي خالد بن يحيى والذي حقق إنجازات متعددة للكرة التونسية، حيث رفض الاتحاد التونسي منحه الرخصة التدريبية لأنه لم يجتز عدد الساعات المطلوبة وهو ما جعل الاتحاد الأفريقي يتدخل في ذلك". وختم مكرم حديثه قائلا: "مشكلة المدرب التونسي أن شعره ليس أصفر وعينيه ليستا خضراوين حتى يجد القبول". هجره مستمرة وهناك عدد من المدربين التونسيين جابوا معظم مناطق المملكة خلال العقدين الماضيين، فهم يتنقلون من ناد إلى آخر حتى إن أحدهم يقول إنه يفضل تدريب بعض الأندية لارتياحه النفسي لهذه المنطقة من خلال خبرته في ذلك. ويقول أحد وسطاء التعاقدات إن بعض هؤلاء المدربين طلب منه البحث له عن عرض في المنطقة الفلانية ويرفض عروضا أقوى في مناطق أخرى، إما لعدم راحته النفسية أو لعدم راحة عائلته في تلك المنطقة. مدربون بدون رخص التدريب ويرى البعض أن العديد من المدربين التوانسة الذين يجوبون الأندية السعودية، لا يحملون رخص التدريب من اتحاد بلدهم أو الاتحاد القاري، بل يحملون شهادات لدورات تنشيطية وليست رخصا، فيما تشير مصادر إلى أن معظم هؤلاء المدربين لا يحملون أيا من رخص التدريب بفئاتها الثلاث (A أو B أوC). من جانبه، طالب المدرب الوطني بندر الأحمدي، الاتحاد السعودي لكرة القدم بالتدخل في هذا الأمر وفرض شروط محددة على الأندية عند تعاقدها مع المدربين، سواء وطنيين أو أجانب، بحيث يكون محددا لكل درجة محددة فئة معينة من رخص التدريب، كما هو معمول به في دوري عبداللطيف جميل، والذي يشترط أن يكون المدرب ومساعده حاصلين على رخصة فئة (A)، وهو ما يجب أن يطبق في دوريي الأولى والثانية. وأضاف الأحمدي: "الأهم من ذلك هو المتابعة الدقيقة لهذه الشروط وأن لا تكون حبرا على ورق فقط. وأن تكون هناك لجنة في اتحاد القدم مهمتها موضوع المدربين والتعاقد معهم". تناقض عجيب العجيب في أمر المدربين التوانسة أن الواحد منهم يقود فريقا في مباراتين أو ثلاث ويخسر، ومن ثم يلغى عقده ويذهب إلى ناد آخر ويحقق معه إنجازا كبيرا؛ إما الصعود أو إحراز مركز متقدم، أو إنقاذه من شبح الهبوط، وهو ما يؤكده نائب رئيس الطائي السابق سعد الصعب الذي يشير إلى أن المدرب التونسي ينجح مع الفريق الجاهز بكل سهولة لأنه يعتمد على النجوم، وهو عكس المدرب الأوروبي الذي يسعى إلى صناعة لاعبين للمستقبل، ولذلك يحتاج إلى وقت طويل حتى يستطيع أن يجهز فريقا يقارع به الأندية الكبيرة. طالب يلحق بمعلمه العديد من المدربين الوطنيين يؤكدون أنهم لعبوا كرة القدم لأكثر من 15 عاما تحت إشراف مدربين توانسة وهم الآن يعملون مدربين في القطاعات السنية أو الفريق الأول، ولا زالت ذات الأسماء تجوب الأندية السعودية، مؤكدين أن العديد من المدربين التونسيين تعلموا التدريب وكرة القدم من خلال الأندية السعودية. رحيمي: إداريون لا يفرقون بين البطيخ والكرة وحمل الناقد والمحلل الفني الدكتور مدني رحيمي، إدارات الأندية المسؤولية، مبينا أن بعضهم يحمل فكرا سطحيا. وقال: "هولاء المدربون يجوبون دول الخليج كافة وليس السعودية فقط، كما أنهم يوسطون البعض للعمل، وللأسف رؤساء أنديتنا لا يفرقون بين البطيخ والكرة، وهو ما جعل بعض المدربين ينتقلون بين أكثر من ناد في موسم واحد بفضل سياسة رؤساء الأندية التي تعمل بمبدأ رخيص وقريب، ولا يكلفنا تأشيرات وتذاكر وغيرها". وطالب رحيمي رؤساء الأندية بالابتعاد عن الأمور الفنية. القرملة: المشكلة في رؤساء الأندية من جانبه، أكد المدرب الوطني إبراهيم القرملة، أن المدربين التونسيين لم يطرقوا أبواب الأندية بل مسؤوولو الأندية هم من يبحثون عنهم، ولذلك وجدوا فرصتهم في العمل في الأندية السعودية، وهو ما جعل المدرب الوطني عاطلا عن العمل على رغم النجاحات الكبيرة التي يقدمها، وكانت آخر تلك النجاحات ما قام به المدرب سلطان خميس الذي صعد بالكوكب إلى دوري الأولى بعد سنين من الغياب. البراق: التونسي له مميزات من جهته، يرى الخبير في دوري الأولى الإعلامي خضير البراق أن المدربين التونسيين يجمعون بين الكرة اللاتينية والأوروبية، مشيرا إلى أنهم تخرجوا في أكاديميات مرموقة ومشهود لها بتخريج أكفاء المدربين، إضافة إلى إجادتهم للغة العربية، مما جعلهم قريبين من اللاعبين السعوديين ومن إدارات الأندية إلى جانب أن عقودهم في متناول أيدي أندية دوري الأولى. وأضاف: "هذه المميزات جعلت المدرب التونسي هو الخيار الأول لجميع الأندية، خصوصاً في الدرجتين الأولى والثانية، في حين على النقيض جعلت الثقة معدومة في المدرب الوطني". الصعب: إمكانات المدرب الوطني متواضعة من جهته، أكد نائب رئيس الطائي سابقا سعد الصعب، أن المدربين التونسيين سيطروا على تدريب معظم الأندية السعودية بفضل دعمهم من قبل مسؤولي الأندية. وقال: "في ظل الإمكانات المتواضعة للمدرب الوطني، وعدم ثقة مسؤولي الأندية في قدراته وفشل المدرب الأوروبي في أندية الأولى والثانية تهيأت الأجواء المناسبة والمساعدة للمدرب التونسي لأنه الأنسب حاليا لظروف أنديتنا". وأشار إلى أن المدرب التونسي ينجح مع الفريق الجاهز بكل سهولة، لأنه يعتمد على النجوم. الأحمدي: رخصة التدريب مطلب وأشار المدرب الوطني الأحمدي إلى أن هناك مشكلة كبيرة في دوري الأولى والثانية بالسعودية، تكمن في أن هناك مدربين لا يحملون شهادات وليست لديهم رخصة تدريب سوى شهادات لدورات تنشيطية. وقال: "أعتقد أن هذا الأمر مسؤولية اتحاد القدم ويجب عدم الموافقة على عقد أي مدرب إلا أن تكون لديه رخصة دولية في علم التدريب". وأضاف: "يجب على رعاية الشباب أن تكون حازمة هي الأخرى، فليس من المعقول أن يتنقل المدرب بين أكثر من ناد في موسم واحد، وأقترح أن يرحل المدرب الذي يفسخ عقده مرتين على الأقل ومنعه من دخول السعودية لمدة عامين كما تنص الأنظمة الأمنية في البلد، وهو ما قد يقلل من السوق الرائجة لدى المدربين العرب الذين يتجولون في أنديتنا ويتعلمون فيها بدون حسيب أو رقيب".