عندما يقترن الطموح بالعزيمة وحسن الإدارة تكون قد أعددت وصفة مكافحة الفشل, فالطموح من دون إدارة يتحول إلى حماس من دون نتيجة, والإدارة بدون طموح تجعل صاحبه بعيداً عن القمة. وهذا ما قام به المزارع الصغير الذي حمل على عاتقه الحلم الكبير، إنه "اينجفار كامبراد" الذي يعيش في قريته الصغيرة في إحدى المحافظات السويدية، والكثير منا يجهل هذا الاسم الكبير في عالم التجارة العالمية، ولكن الأكيد أنه لا أحد منا يجهل اسم شركة هذا المزارع الصغير الذي أصبحت شركته الاسم الكبير في عالم المال والأعمال، إنها العملاقة "إيكيا". رفض اينجفار المواصلة في العمل مع والده في مزرعته عندما كان في الخامسة من عمره، وقرر أن يعمل في التجارة، وهو في ذلك السن الصغير رغم أنه كان يعيش في عائلة فقيرة. استغل اينجفار عدم وجود متاجر في تلك القرية الصغيرة، واشترى 100 علبة من الكبريت وباعها على المزارعين بضعف سعرها وكانت هذه هي البداية, بعد ذلك تحول إلى بائع يتجول بين المزارع بدراجته ليبيع الأقلام والنايلون، وفي سن السابعة عشرة من عمره تطورت تجارته حتى أصبح يستقبل الطلبات عبر البريد في متجره الصغير أمام منزله في مساحة مترين مربعين بعدما أصدر كتيباً يحمل منتجاته التي كانت غالبيتها من الاحتياجات اليومية للفرد, وفي ذلك الوقت كانت أكثر مبيعات هذا الكتيب هي الكراسي، حيث إنه عمل نقلة نوعية في أسلوب تلك المفروشات, فقرر حينها أن يركز على المفروشات، فأتى بالعمال والنجارين الذين يعملون في الغابات وضم إلى طاقمه بعض الخبراء، وصمم أحدهم أول كتيب ل"إيكيا" يحمل جميع منتجات الشركة، وهنا كانت البداية الفعلية لشركة "إيكيا"، حيث قرر اينجفار أن يفتتح أول متجر فعلي يحمل اسم "إيكيا" في محافظته, ولعرض مفروشاته قرر أن يفتتح فندقاً أمام متجره, في ذلك الحين أخذ اسم "إيكيا" يكبر بسرعة مذهلة حتى إنه تمت طباعة 500 ألف نسخة من كتيب منتجات "إيكيا", ومع تكاثر تلك الطلبات واجهت "إيكيا" مشكلة وصول البضائع مكسورة إلى الزبائن مما يؤدي ذلك إلى خسارة مالية وإدارية, فاقترح أحد المهندسين حلاً فعالاً ضد الكسر, ألا وهو وصول البضائع في حزم مسطحة مفككة الأجزاء، ويتم تركيبها بعد ذلك حتى أصبح أسلوب "إيكيا" الفريد حتى الآن وكذلك لكثير من تجار الأثاث. وفي أواسط الستينيات كانت النقلة الكبيرة في تاريخ "إيكيا" حيث افتتح متجراً في العاصمة السويدية ستوكهولم على مساحة 31 ألف متر مربع، حيث وضع في ذلك المتجر جميع أمواله، وفي افتتاح المعرض عام 1965 زار المعرض في يومه الأول أكثر من 35 ألف زائر حتى إنه بيعت جميع منتجاته في اليوم الأول, وحقق المتجر أرباحاً تقدر ب8 ملايين يورو في عامه الأول, لم يقنع اينجفار بشهرته ونجاحه في السويد، بل أراد أن يضع له بصمة في جميع القارات الخمس ليصبح اسماً بارقاً في سماء التجارة العالمية, حيث افتتح في أقل من خمسين عاماً أكثر من 330 متجراً حول العالم، وتجاوز عدد موظفيها 130 ألفاً. اينجفار كامبراد صاحب ال88 عاما يعد أغنى رجل أوروبي بثروة تقدر ب31 مليار دولار. خاتمة: أطلق ما بداخلك من طموح، اقرن الطموح بالإدارة، وتوكل على الله, فلم يخلق أحد عالماً أو تاجراً، ولكن بالتعلم والمثابرة تبنى أساسات النجاح.