تتكئ ذاكرتنا التاريخية على مسيرة وطن عظيم، بدأت تظهر ملامحه في عزيمة فتى لم يتجاوز ال26 ربيعاً من عمره، توسد أحلامه ليحولها إلى حقيقة يحرسها بعزمه وحكمته وحزمه، وتحرك على رأس حملة من أقاربه وأعوانه صوب الرياض، وهو عازم على تحويل حلمه إلى حقيقة بتوحيد الجزيرة العربية التي كانت تعاني وقتها من كل أمراض الفرقة والشتات، وفي فترة لم تتجاوز الثلاثين عاماً منذ تحرك الحملة وتحديداً في 17 جمادى الأولى 1351، كانت المهمة قد أنجزت على أكمل وجه، وصدر المرسوم الملكي الأول معلناً توحيد كل أجزاء الدولة السعودية الحديثة في اسم واحد هو "المملكة العربية السعودية"، إيذانا ببزوغ فجر جديد على هذه البقعة الجغرافية والتاريخية الهامة، بقيادة ملك سكن القلوب والعقول وهو المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود (أخو نورة). منذ ذلك الزمن، أي قبل 83 عاما، و"ترموتر" التنمية والتقدم والرفاهية في تصاعد مستمر، مذاك والبلاد تصعد بخطى واثقة وأياد متشابكة ومجتمع موحد لبلوغ أهدافها التي تعانق عنان السماء، مستمدة من عبق التاريخ الحافل بالبطولات والأمجاد. اليوم الوطني مناسبة لاستنهاض الروح الوطنية في المواطنين، ومراجعة تاريخ الوطن والدروس والعبر من مسيرة الملك الموحد عبدالعزيز، فهو يوم تاريخي وذكرى مجيدة، وهو يوم للفخر بمساهمات بلادنا في القضايا الإقليمية والعالمية عبر سياساتها الخارجية التي تتصف بالشفافية والصدق والوضوح، تجاه مجمل قضايا الأمة العربية والعالم. كما أنه يوم لإدانة الدمار الذي ألحقه أصحاب الأفكار الضالة بالوطن، وتأكيد على أن الوطن الذي يحتويهم ويحتضنهم لا يستحق منهم هذا النكران. في مثل هذا اليوم، يحق لنا أن نسترجع الدعوات والشعارات الكبيرة التي تساهم في تحقيق الوحدة الوطنية والتنمية الحقيقية والتواصل الإيجابي بين أبناء الوطن بعيداً عن الغلو والتعصب. إنه حقاً وطن يستحق أن نستريح يوماً على رحابة تاريخه، نجدد العهد والولاء، ونملأ القلوب أملاً وأمنيات، والأرض خضرة، ونمسك بخيوط المستقبل تنمية ورفعة، ونجدد تهانينا لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وكافة أبناء الشعب السعودي المحب لوطنه وحكومته.