في الوقت الذي أشارت فيه إحدى الدراسات عن السمنة إلى أن الرضاعة الطبيعية قد تحمي الأطفال من البدانة، أكد أخصائي قلب أن الجراحة هي الحل الأمثل في الحالات الحرجة من البدانة التي تقود إلى الموت المبكر. وعن تأثير السمنة على القلب وتعريفها قال أخصائي القلب الدكتور طارق الجمل في مستشفى الحياة الوطني إن السمنة هي الزيادة في الوزن عن المعدل الطبيعي بالنسبة لطول الشخص وجنسه وطبيعة هيكله العظمي، وتكون هذه الزيادة بسبب فقد التوازن بين الطاقة الداخلة في صورة طعام والطاقة المفقودة أو المبذولة، فقد هذا التوازن يؤدي إلى الزيادة في الوزن. وأضاف الجمل أن للسمنة نوعين، الأول يظهر مع البلوغ ويتميز بأن الشخص يتمتع بوزن طبيعي خلال فترة الطفولة والمراهقة ثم تبدأ الزيادة في الوزن تدريجيا بين سن 20 و40 سنة، وهذا النوع يعكس عدم التوازن بين عدد السعرات الداخلة وعدد السعرات المبذولة. أما النوع الثاني فهو سمنة تستمر طوال العمر، وهو أقل انتشارا ويتميز بنشأة السمنة منذ الطفولة مع زيادة واضحة وكبيرة في الوزن خلال مرحلة المراهقة وفى السيدات خلال وبعد الحمل. وهؤلاء المرضى عادة يكونون مفرطي البدانة وتكون أوزانهم أكثر من 150% من الوزن المثالي والسبب في هذا النوع ما زال غير واضح تماما. وأضاف الدكتور طارق أن أسباب السمنة هي: اختلال النمط الغذائي، قلة النشاط والحركة، العوامل النفسية، اختلال في الغدد الصماء، والوراثة. أما الآثار التي تترتب على السمنة فهي قلة الحساسية للأنسولين، وبالتالي ارتفاع نسبة السكر في الدم، ارتفاع مستوى الكوليسترول في الدم، ارتفاع في مستوى الدهون الثلاثية في الدم، وارتفاع في مستوى الأحماض الأمينية في الدم. وأكد الدكتور الجمل أن للسمنة عبئا كبيرا جدا على القلب، حيث تركزت دراسات كثيرة لمعرفة أضرار السمنة وآثارها على الصحة، وقد توصلت هذه الدراسات إلى أن هناك ارتفاعا في نسبة الوفيات بين الأشخاص الذين يزيد معدل كتلة أجسامهم عن 27. وأثبت أيضا وجود علاقة وثيقة بين مستوى ضغط الدم ومستوى "الكوليسترول" ودرجة السمنة. ومن الحقائق التي توضح مدى تأثر القلب والأوعية الدموية (الجهاز الدوري بوجه عام) بالسمنة خلل في وظائف الجهاز الدوري ويكون ذلك مصحوبا بكبر في حجم القلب على مدى الحياة، وزيادة الوزن تكون مصحوبة بزيادة في حجم الدم وكذلك في كمية الدم التي يتم ضخها في الدقيقة، كما تحدث السمنة زيادة في وزن القلب واتساعا في البطين الأيسر (ترهل) وكذلك تحدث تضخما غير مركزي وهو مختلف عن التضخم في حالة ارتفاع ضغط الدم، ويتميز التضخم غير المركزي باتساع في البطين مع زيادة في سمك الجدار هذا دائما يكون مصاحبا للحالات التي يحدث فيها زيادة كمية الدم التي يتم ضخها. هذا التضخم في البطين الأيسر يجعل المريض عرضة لخلل في الإيقاع القلبي في صورة انقباضات بطينية غير ناضجة. كل هذه الصور المرضية التي وضحناها تؤدي إلى ظهور خلل وظيفي في القلب، مع عدم وجود مرض آخر في القلب في هؤلاء المرضى الذين يتميزون بالبدانة المفرطة. وأضاف أخصائي القلب أن ارتفاع ضغط الدم يعد من الأمراض كثيرة الحدوث في وجود زيادة مفرطة في الوزن وقد ثبت أن البدانة تزيد من نسبة الإصابة بضغط الدم، حيث إن احتمال الإصابة بارتفاع ضغط الدم في الشخص البدين ثلاثة أضعاف ذلك في الشخص غير البدين. وفي حالة ارتفاع ضغط الدم يحدث تضخم مركزي وغير مركزي في البطين الأيسر (النوعين من التضخم) في حالة وجود البدانة لأن هناك ارتفاعا في كمية الدم التي يتم ضخها مصحوبا باتساع في البطين تحدث طبيعيا مع السمنة مما يؤدي إلى هذا النوع من التضخم. وبين الدكتور طارق أن السمنة تكون عادة مصحوبة بأمراض الشرايين التاجية، لأنها تزيد من عوامل الخطورة المسببة لها التي هي ارتفاع دهنيات الدم وارتفاع الأنسولين في الدم وارتفاع ضغط الدم، حيث تلعب السمنة دورا تأثيريا مستقلا في توزيع الدهون في الجسم، فقد أثبتت الدراسات أن السمنة المركزية هي التي تتركز في منطقة البطن تعتبر عامل خطورة للإصابة بأمراض الشرايين التاجية بغض النظر عن معدل كتلة الجسم، كذلك تزيد نسبة الإصابة بالذبحة الصدرية والاحتشاء القلبي في السيدات متوسطات البدانة أكثر من غيرهن. وشدد الجمل على ضرورة العلاج السريع في مثل هذه الحالات المرضية وهو العلاج في حالات ارتفاع ضغط الدم هو العلاج التقليدي لخفض الضغط وكذلك علاج أمراض الشرايين التاجية، لكن العلاج الأساسي هو علاج السمنة ويكون ذلك من خلال برنامج منظم يشمل برنامجا غذائيا دقيقا يتم فيه تقليل كمية السعرات الحرارية، وفي الوقت نفسه برنامج تدريبي لزيادة نسبة الطاقة المبذولة وبالتالي يحدث المطلوب وهو خفض الوزن حين تزيد الطاقة المستهلكة عن الطاقة الداخلة، وهناك أيضا طرق أخرى لعلاج السمنة المفرطة، فقد أفادت الإبر الصينية بعض المرضى مع اتباع نظام غذائي معين لخفض الوزن. وأفاد بأن العلاج الجراحي عن طريق تصغير المعدة، أثبت نجاحه في الكثير من الحالات التي كانت تعاني من السمنة المفرطة. وبعلاج السمنة فإن كثيرا من التأثيرات السابقة تبدأ في التحسن وذلك يتمثل في انخفاض ضغط الدم وتقليل كم الأدوية اللازمة للعلاج وكذلك تحسن في وظائف القلب بوجه عام.