الصورة الذهنية التي تتشكل لدى الأطفال والمراهقين الذين يتابعون كثيرا من برامج المسابقات الرمضانية التي تبث على الهواء مباشرة عبر القنوات الفضائية أن "الغش" – طلب المساعدة من الآخرين لمعرفة الإجابة الصحيحة - من أجل الفوز أمر "مباح"، وهذا يتعارض مع المبادئ التي تعلموها في المدارس، والتي تحظر الغش في الاختبارات. فالطفل الذي يتابع مثل هذه البرامج بشغف، ويبهر بشخصية الفنان أو المذيع قد يكون في سن لا يفرق فيه بين برنامج مسابقات ترفيهي يذاع على الهواء مباشرة يوجه المذيع من خلاله سؤالا يترتب عليه فوز وجائزة، وأسئلة الاختبارات التي تقدم له في المدرسة، ويترتب عليها نجاح أو رسوب. ومن الطبيعي أن ستكون أسئلة الأطفال في هذا الشأن مشروعة، فعندما يرون فريق العمل سواء في برنامج "حروف وألوف"، وبرنامج "طارق وهيونة" يلقنون المتصل الإجابة لهم أن يتساءلوا؛ لماذا لا نلقن الإجابة في الاختبارات المدرسية كما يحدث في برامج المسابقات التلفزيونية التي يحقق الفائزون فيها مبالغ مالية طائلة؟ من هنا تجد الأسر حرجا شديدا في تصحيح الصورة الذهنية التي ترسمها برامج المسابقات التلفزيونية في أذهان النشء، فما يغرس في الطفل على أنه أمر غير مقبول اجتماعيا ودينيا يُمارس أمامه علنا وفي ليالي رمضان. لا نختلف أن الهدف الأساسي من برامج المسابقات الرمضانية في القنوات الفضائية هو الكسب المادي من خلال الاتصالات والرسائل النصية، وجذب المتصلين الباحثين عن الفوز ومساعدتهم على الفوز طالما أن الهدف تحقق، ولكن ينبغي ألا يتم ذلك على حساب القيم والمبادئ التي يغرسها المجتمع في النشء. لا تزال الذاكرة تحتفظ بشيء من برنامج "حروف" الذي كان يقدمه المذيع ماجد الشبل في التلفزيون السعودي، وهو من أفضل برامج المسابقات على الإطلاق. إذ كانت المنافسة فيه بين فريقين متكافئين، منافسة حقيقية يقف منها المذيع في المنتصف، وتكون النتيجة في النهاية لمن يستحق دون أدنى مساعدة. إضافة إلى الكم من المعلومات الهادفة التي يثري بها البرنامج متابعيه. واليوم بلا شك، لم تعد برامج المسابقات الفضائية ذات جدوى أو وسيلة تنافسية، فسياسة بعض القنوات الفضائية في برامج المسابقات الحديثة يجب أن يعاد صياغتها، فلو كان شعار المسابقات "جائزة لكل متصل" لكان أفضل من تلقين المتصلين الإجابة، وزعزعة المبادئ التي تحرم "الغش" والبحث عن الإجابة لدى الآخرين، حتى وإن كان تحت غطاء "المساعدة".