تخطفت القنوات الفضائية الفنانين السعوديين الذين قدمتهم القناة الأولى في التلفزيون السعودي للوسط الفني، وباتوا نجوما، ولم يتبق لها إلا الفنان حسن عسيري الذي لم يحالفه الحظ مع كثير من القنوات الفضائية، وعاد إلى البيت الذي احتضنه في بداياته. ولم تكن عودة العسيري إلى القناة السعودية وفاء منه لها كما يعرف الكثيرون، ولكنه وجد نفسه مضطرا للعودة بعد خلافه مع الفنان فايز المالكي الذي أعاد ترتيب أوراقه بعد توقف مسلسل "بيني وبينك" وانطلق مرة أخرى من التلفزيون السعودي بمسلسل "سكتم بكتم"، ورحل به نحو قناة "روتانا خليجية"، في حين لم يتبق للتلفزيون السعودي خلال العامين الماضيين إلا أعمال العسيري. في نظري لا يختلف حال "القناة الأولى" في التلفزيون السعودي مع الفنانين السعوديين الذين أطلوا من خلال شاشته الفضية، وأصبحوا نجوما تتنافس عليهم القنوات الفضائية، عن حال الشاعر العربي الذي لخصه في هذا البيت "أعلمه الرماية كل يوم.. فلما اشتد ساعده رماني". نعم .. أولئك النجوم الذين كانت خطواتهم الأولى في ردهات التلفزيون السعودي اجتاحتهم رياح المنافسة، وهجروا البيت الأول الذي احتضنهم عندما كانت أجنحتهم غضة لا تقوى على التحليق. وليس سرا أن التلفزيون السعودي أصبح عاجزا عن منافسة القنوات الفضائية غير الرسمية التي تقدم عروضا مغرية يسيل لها اللعاب، وهذا سبب جوهري لهجرة الفنانين السعوديين إلى الفضائيات، ولكن ما يدور في الأوساط الفنية أن البيروقراطية في التلفزيون السعودي التي تعامل بها المنتجين والفنانين السعوديين من أقوى العوامل التي كانت سببا في نفور شركات الإنتاج الفنية، والفنانين الذين لا يمنحون من المال ما يغريهم بالبقاء، ولا يجدون من التسهيلات في ذات الوقت ما يعوضهم عن ضعف العائد المادي. إن هجرة الفنانين السعوديين من التلفزيون السعودي تعني هجرة المشاهدين، وفقد جزء كبير من قاعدته الجماهيرية، وهذا بلا شك يحتم على المسؤولين في القناة الأولى إعادة النظر فيما تقدمه من أعمال، والعمل على تحفيز النجوم، وتسهيل إجراءات تنفيذ الأعمال الفنية، وشراء حقوقها ولو بالتعاون مع الفضائيات الأخرى، كما حصل مع مسلسل "طاش ما طاش" الذي كان يعرض في القناة الأولى وقناة mbc بشكل متزامن، وعلى القناة عدم التفريط في الأسماء الفنية التي صنعها، وهاجرت إلى الفضائيات الأخرى.