بدا ميدان التحرير مساء أمس وكأنه تحول إلى نهر من الأعلام المصرية يرفعها مئات الآلاف من المتظاهرين، الذين نزلوا إلى الشارع لحماية "شرعية الشعب". وفيما كان المتظاهرون يؤكدون إصرارهم على إنهاء حكم محمد مرسي، حلقت في سماء القاهرة طائرات حربية راسمة بالدخان الملون في سماء الميدان علم مصر الأسود والأحمر والأبيض وأيضا شكل قلب. وانطلقت مسيرات شارك فيها عشرات الآلاف من حي الزمالك المجاور وميدان مصطفى محمود بحي المهندسين (جنوب) ومن حي شبرا (وسط) متجهة نحو ميدان التحرير. كذلك نظم معارضو مرسي مسيرات في اتجاه قصر الاتحادية الرئاسي الذي أصبح المقر الرسمي للرئيس المؤقت عدلي منصور "مصر شهدت ثورة وليس انقلابا". وفي الإسكندرية، احتشد الآلاف من معارضي الرئيس المعزول في ميدان سيدي جابر (شرق المدينة)، وانطلقت مسيرة أخرى متجهة إلى مسجد القائد إبراهيم في وسط المدينة. كما تشهد مدينة المنصورة ومحافظة المنوفية تظاهرات لمعارضي مرسي. في المقابل احتشد أنصار مرسي في ميدان رابعة العدوية بمدينة نصر في القاهرة وبميدان النهضة أمام جامعة القاهرة في الجيزة، وأغلقوا الطريق الرئيسية المؤدية إلى مطار القاهرة. وكان الإسلاميون من أنصار مرسي دعوا إلى الاحتشاد دفاعا عن شرعيته وتجمع آلاف منهم أمام دار الحرس الجمهوري في مصر الجديدة (شرق القاهرة)، وأغلقوا طريق صلاح سالم وهو الطريق الرئيسية المؤدية إلى مطار القاهرة في الاتجاهين. وأعلن آلاف الإسلاميين المعتصمين أمام دار الحرس الجمهوري "اعتصاما مفتوحا حتى عودة الرئيس مرسي إلى الحكم". من جهة اخرى تواصلت المشاورات السياسية أمس في مصر حول تشكيل الحكومة الجديدة، ولا يزال منسق جبهة الإنقاذ الوطني محمد البرادعي المرشح الأوفر حظا لرئاسة الوزراء، فيما دعا أنصار ومعارضي الرئيس المعزول محمد مرسي إلى تظاهرات. وقالت مصادر مقربة من الرئاسة أمس إن البرادعي لا يزال "المرشح الأوفر حظا" لتولي رئاسة الوزراء، والمشاورات لا تزال مستمرة مع حزب النور السلفي الذي أعلن تحفظه على اختيار البرادعي، حول مشاركته في الحكومة. وأوضحت أن "الاتصالات جارية مع حزب النور حول تمثيله في الحكومة ومشاركته فيها". وكانت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية أعلنت مساء السبت تكليف البرادعي رسميا بتشكيل الحكومة قبل أن يعلن محمد المسلماني المستشار الإعلامي للرئيس الموقت عدلي منصور أنه "أبرز المرشحين" ولكنه لم يصدر بعد قرار رسمي بتكليفه، وأن "مشاورات ما زالت جارية مع القوى السياسية" التي أبدت تحفظها على تعيينه، في إشارة إلى حزب النور. وقال القيادي في الحزب نادر بكار "موقفنا بسيط. هناك سببان لرفض البرادعي. نحن بحاجة لإنهاء الاستقطاب في الشارع. نحن بحاجة إلى شخصية تكنوقراطية اقتصادية". وأضاف "لا يمكننا الحديث عن المصالحة الوطنية ثم نضع أشد خصوم مرسي رئيسا للوزراء". جاء ذلك تزامنا مع تهديد القيادي بحزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، محمد البلتاجي، بلجوء الإسلاميين إلى العنف، نتيجة فشل الديموقراطية. وأضاف أن ما حدث بمصر ستكون له نتائج عكسية وسيؤدي إلى تأجيج الكراهية تجاه الغرب، إلا أن المتحدث الإعلامي ل "حركة علمانيون" رباب كمال، قالت إن "لجوء الإخوان المسلمين إلى العنف وشغب الشارع، خطوة على طريق الانتحار السياسي للجماعة بعد فشلهم على مدى عام". وتزامنا مع ذلك، تصاعدت حدة الانقسامات داخل حزب "النور"، ذي المرجعية السلفية، جراء تعامله مع الإطاحة بمحمد مرسي من منصبه. وأعلن المستشار القانوني للحزب بالإسماعيلية مصطفى محمد صالح، أمس استقالته من الحزب ومشاركته في الاعتصام مع شرعية الرئيس. وقال ل "الوطن"، "أعلنت انسحابي من الحزب احتجاجا على موقفه السياسي ومشاركته في الانقلاب على الشرعية".