طالب عضو مجلس الشورى السابق المهندس محمد القويحص، وزارة الإسكان بالابتعاد عن الروتين الحكومي، والإجراءات المعقدة لدى الأجهزة الحكومية الأخرى، والتي لم يستبعد القويحص أن تحد من انطلاقة مساعي الإسكان، داعيا إلى منح إجراءات الإسكان المرونة الكافية لإتمام أعمالها ومساعيها. وفي حوار مطول أجرته "الوطن" معه، شدد القويحص على وجوب شمولية قرارات الإسكان والتي لا بد أن تتضمن تنمية المدن المتوسطة والصغيرة والنظر في نقل وزارات من الرياض إلى تلك المدن على سبيل المثال. وعن السوق العقارية، أكد القويحص أنه يحتاج إلى إعادة النظر وإلى مرجعية، واصفا إياه بمتعدد الأطراف والاتجاهات، الأمر الذي يتوجب إيجاد مرجعية توفر متطلبات السوق وحماية المستخدمين له وإيجاد الأنظمة واللوائح التي تنظمه. وإلى نص الحوار: في البداية، أخذت قضية الإسكان أصداء واسعة وباتت حديث المجالس وكافة وسائل الإعلام، برأيك كيف نعالج هذه الأزمة؟ وزارة الإسكان لديها الإجابة الكافية عن هذا السؤال فهي الجهة المخولة والمسؤولة عن معالجة وضع الإسكان في المملكة، وتوفير المساكن للمواطنين والمواطنات. ولكن بصراحة هل الوزارة قامت بتقديم حلول تواكب ما قدمته أنت من مقترحات وبقية زملائك في مجلس الشورى لمعالجة الوضع؟ الدولة مهتمة بالإسكان بشكل كبير وجديّ ويتضح ذلك من خلال توفير المبالغ المالية لهذا القطاع أو من ناحية توفير الأراضي والبنية التحتية للمخططات، وما تبقى لا يعدو كونه عملية تنظيمية وإجرائية لحل المشكلة، والوزارة تسير لمعالجة المشكلة، وأتوقع أنها قادرة على حل المشكلة في ظل القرارات الأخيرة بتحويل المنح من وزارة الشؤون البلدية والقروية إلى وزارة الإسكان والاعتمادات المالية وتوفير الأراضي، إلا أنها تحتاج إلى وقت لإيجاد بعض الحلول لمعالجة وضع الإسكان في المملكة ويجب أن لا نستعجل تلك الحلول. كان لك الكثير من الدراسات والمقترحات والتوصيات حول موضوع الإسكان، حدثنا عنها ؟ ماذا تم بشأنها؟ قدمت العديد من المقترحات في مجلس الشورى عن الإسكان ومنها الاستراتيجية الوطنية للإسكان والتي تعمل الوزارة عليها حاليا، وهي في مراحلها الأخيرة إلى جانب مقترح حول وضع خطة وطنية لإيجاد حلول للإسكان، ولا تزال تحت الدراسة في الشورى فضلا عن مقترح بدل السكن لموظفي الدولة وهو صرف راتب ثلاثة أشهر سنويا يساعدهم على الحصول على القروض لشراء المساكن. دائما ما نسمع عن حلول الإسكان ولكن على أرض الواقع لا يوجد شيء ملموس حتى الآن؟ لا يوجد شيء مستحيل في معالجة الإسكان، والدولة قادرة على معالجة الإسكان، ولكن نحتاج إلى وقت جيد لحل هذا الموضوع، وعموما يجب أن تكون لدينا قرارات شمولية وجدية في التنفيذ وعدم البقاء في التوجه الواحد والاعتماد على الحلول الفردية أو الاجتهادات، لذا لا بد أن يكون لدينا حل جذري لمعالجة الإسكان، منها ما يخص الأراضي وتوفيرها إلى جانب القروض العقارية والرهن العقاري والبنية التحتية للمخططات، كما يجب أن يتم تفعيل تلك القرارات في الوقت ذاته، وتنفيذها بالشكل المطلوب، وفي هذه الحالة سيتم معالجة وضع الإسكان في المملكة بالطريقة الصحيحة وهي الشمولية. وزارة الإسكان لا تزال تدرس آلية توزيع المساكن على المواطنين المحتاجين للسكن إلى جانب توفير آلية توزيع (أرض وقرض) التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين مؤخرا، لو كان الأمر بيدك كيف ستعمل من أجل وضع آلية مناسبة لتوزيع الإسكان؟ الوزارة لديها توجهات جيدة في عملها فيما يخص آلية التوزيع، ولكن المهم أن نبتعد عن الروتين والإجراءات الحكومية التي من الممكن أن تؤخرها، حيث إن الوزارة تخضع لأنظمة حكومية فيما يخص المشتريات والخدمة المدنية وغيرها، فهذه الأمور تحدّ من الانطلاق ولا بد من منحها المرونة لإيجاد الحلول ومعالجة هذه الأزمة التي تختلف درجاتها من منطقة إلى أخرى، وعدم الركون إلى حل واحد والعمل على جميع المستويات، وعموما يختلف وضع المواطنين وشرائح المجتمع حسب إمكاناتهم ودخلهم، فهناك مواطن فقير يحتاج إلى الإسكان الفوري الحكومي وآخر لدعم جزئي وهكذا، وأكرر أننا بحاجة إلى الاستراتيجية الوطنية لمعالجة الإسكان ومن دون هذه الاستراتيجية نبقى نعمل بشكل فردي. بصراحة وبحكم خبرتك في ملف الإسكان، متى تتوقع أن تنتهي أزمة الإسكان في المملكة؟ لا نستطيع أن نحدد عاما محددا لانتهاء أزمة الإسكان، وهذه الأمور تعتمد على سرعة تجاوب عمل الأجهزة الحكومية ومن الممكن أن نقول خمسة أعوام أو ثلاثة أو عشرة، وتعتمد على مدى الجدية والشمولية في الأداء مع توجهات الدولة في معالجة وضع الإسكان ومدى تفاعلها وقوتها. هل تعتقد أن ما توفره الدولة من دعم مادي يكفي من أجل معالجة وضع الإسكان في ظل تزايد عدد المحتاجين للسكن من المواطنين والمواطنات وانتهاء هذه الأزمة؟ الدعم المادي يحتاج إلى وقت لتفعيله، ولو كان لدينا 5 مليارات ريال فهذا المبلغ لا يمكن أن نبني به مساكن خلال شهر واحد، والقضية تحتاج إلى وقت للتنفيذ والتفعيل وترجمة القرارات على أرض الواقع فلدينا شركات عقارية ومقاولون وغيرهم، والبنية التحتية وتوفير الخدمات ونحتاج للوقت والأهم أن تكون لدينا خطة واضحة المعالم، ويجب أن لا نعتمد على برنامج واحد لكي نصل لحل هذه المشكلة. التوصيات والمقترحات التي قدمتها في مجلس الشورى حول ما يخص الإسكان، هل ترى أنها تنفذت على أرض الواقع أم أنها توقفت؟ الكثير من القرارات التي اتخذها مجلس الشورى في وقت سابق والتوصيات والمقترحات التي قدمها المجلس بشكل عام فيما يخص موضوع الإسكان، تم تفعيلها، ومن ضمنها رفع قرض صندوق التنمية العقاري إلى 500 ألف ريال بدلا من 300 ألف ريال إلى جانب الاستراتيجية الوطنية للإسكان التي لا تزال تدرس وفي مراحلها النهائية، ومن ضمنها أيضا توفير الخدمات للمخططات والأراضي وإيقاف المنح الكبيرة وبدأت ترى النور على أرض الواقع، وأكرر بأنه يجب أن تكون لدينا شمولية لمعالجة الإسكان. مع حزمة القرارات والمقترحات حول موضوع الإسكان، من وجهة نظرك ما تأثيره على سوق العقار في المملكة؟ وهل سيسهم في خفض الأراضي والمباني والإيجارات؟ لا بد أن تنخفض أسعار العقار عموما، والإسكان خاضع للعرض والطلب وأمور أخرى متعددة، ومن المؤكد أن إيجاد مساكن واستمرار ضخ وحدات سكنية للمواطنين والمواطنات سيساعد على خفض العقار عموما، والمشكلة تكمن في المدن الرئيسية منها الرياض والغربية والشرقية، وجزء من معالجة هذه المشكلة يكمن في التنمية المتوازنة وإيجادها وفتح فرص عمل للمواطنين في مناطقهم ومدنهم، ونقل المشاريع الكبرى إلى المناطق الأخرى غير الرئيسية لبقية المناطق، كما لا يعقل أن يكون سكان المملكة موجودين في المناطق الرئيسية، ونقل كثير من المشاريع الكبيرة والمهمة للدولة في تلك المناطق الأخرى، وأعيد وأكرر بأنه يجب النظر إلى شمولية قرارات إيجاد حلول الإسكان ومنها تنمية المدن المتوسطة والصغيرة والنظر في نقل وزارات من الرياض إلى تلك المدن على سبيل المثال المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة لماذا تبقى الإدارة العامة في مدينة الرياض ولماذا لا تنقل إلى مدينة أخرى بعيدة عن العاصمة وستساهم في حل المشكلة للإسكان وتخفيف الضغط على المدن الرئيسية. وماذا عن تطوير سوق العقار في المملكة بعد مشاريع الإسكان التي تعكف عليها الوزارة، ومدى تأثيرها على السوق العقاري والمطورين العقاريين؟ السوق العقاري يحتاج إلى إعادة النظر ويحتاج إلى مرجعية، فالعقار متعدد الأطراف والاتجاهات، لذا نحن نفتقد للمرجعية في هذا السوق الكبير، ووزارة الإسكان مشغولة بإيجاد مساكن للمواطنين ولا توجد جهة تهتم بهذا السوق الضخم، ولا بد من المرجعية لتنمية السوق، وبالتالي أكرر على ضرورة إيجاد المرجعية لتوفير متطلبات سوق العقار وحماية المستخدمين له وإيجاد الأنظمة واللوائح له. اقترح مجلس الشورى في وقت سابق إقامة ضواحٍ قريبة من المدن الرئيسية لمعالجة وضع الإسكان في المملكة على غرار ما يحدث في الدول الأوروبية، فماذا تم بهذا الشأن؟ لا بد من إقامة مثل هذه الضواحي ولكن مع توفير البنية التحتية ووسائل المواصلات السريعة، فالمدينة تتوسع من كافة الأطراف، وعلى سبيل المثال قبل 20 عاما كان مطار الملك خالد الدولي في مدنية الرياض بعيدا عن الخدمات والمساكن، والآن أصبح وسط المدينة، فيجب أن يكون هناك تخطيط استراتيجي بعيد المدى من أجل توفير هذه الضواحي وتوفير البنية التحتية لها والخدمات ووسائل المواصلات العامة والسريعة وربطها بالمدينة. لو طلب منك تلخيص مشكلة الإسكان في المملكة وطرق معالجتها... ماذا ستقول؟ الإسكان عبارة عن مثلث، تمثل أضلاعه الثلاثة توفير الأرض والقرض وخدمات البنى التحتية لها، وبدونها لن يكون هناك إسكان ومن غير المنطق أن نذهب إلى الربع الخالي لإقامة مبانٍ سكنية هناك، لذا يتوجب أن تتوفر كافة الأضلاع الثلاثة لحل موضوع الإسكان في المملكة، ويبقى السؤال كيف يمكن توفير هذه الأضلاع في الوقت المناسب والمكان المناسب. عضو الشورى "الأشهر" حمل لواء "الإسكان" بمجلس الشورى.. ووصف ب"مهندس الإسكان" حتى ذاع صيته بشكل واسع داخل القبة، بعد سيل من التوصيات والمقترحات حول مواضيع الإسكان كافة، وهو ما لامس مشاعر المواطنين المحتاجين للسكن، فضلاً عن مقترحه صرف بدل سكن لموظفي الدولة يعادل 3 رواتب سنوياً، والذي أخذ أصداء واسعة ولا يزال صداها حتى الآن. القويحص قاد مقترح بدل السكن لموظفي الدولة، نابشاً إحصائيات هامة أفادت بأن 50% من المواطنين لا يملكون سكنا، إضافة إلى ارتفاع الإيجارات بشكل كبير أرهق المواطنين، كما تساءل عن صرف بدل سكن للموظف غير السعودي وعدم الصرف للسعودي، وأحدثت يومها تلك التوصية جدلا واسعا تحت "قبة" الشورى بين الأعضاء المؤيدين للمقترح والمعارضين. كما كان للقويحص دراسات عدة حول الإسكان ولا تزال تدرس حتى الآن على الرغم من ابتعاده عن المجلس في دورته الحالية، بعد أن أمضى في المجلس أكثر من دورة ترأس من خلالها لجنة الإسكان والمياه والخدمات العامة.