تدفع الظروف المعيشية الصعبة التي يعيشها آلاف اللاجئين السوريين في الأردن إلى تزويج بناتهن القاصرات، ظنا منهم أن هذا الخيار يحميهن ويقدم لهن شكلا من أشكال الدعم في ظل انسداد أفق الحل في بلدهم. وحتى وقت قصير كان اللاجئون السوريون يصلون إلى الأردن بوتيرة 1500 إلى ألفين يوميا، لايحملون معهم إلا القليل من الملابس والمال ليقيموا في مخيم الزعتري، شمال المملكة بالقرب من الحدود السورية الذي يؤوي أكثر من 160 ألف شخص، وغالبيتهم من درعا وهم يلفهم الفقر والعوز بانتظار مصيرهم المجهول. وبالنسبة للعديد من العائلات، فإن زواج بناتهن والخروج من المخيم قد يشكلان طوق نجاة للفتاة وأملا بحياة جديدة رغم عدم خلو الأمر من المشاكل والمحاذير. ويقول أبو محمد (50 عاما) الذي زوج ابنته وهي في سن 17 قبل أكثر من ثلاثة أشهر لرجل عربي في الأربعينات من العمر بعد أن كان يرفض الفكرة، "بكل تأكيد كنت أود أن تتزوج من شخص أعرفه من مجتمعنا ومدينتنا وبلدنا، ولكن ماذا عساي أن أفعل؟". من جهته، قام سعيد وهو من درعا وأب لعشرة أطفال بتزويج اثنتين من بناته وهما بعمر 15 و16 عاما قبل نحو شهر لاثنين من اللاجئين من أبناء بلدته. ويقول سعيد الذي أصيب بشلل نصفي جراء إصابته برصاصة في سورية "كنت مضطرا فلم يعد باستطاعتي أن أعيل هذا الكم من الأطفال وأنا عاجز وعاطل عن العمل". وأضاف "أنا أخاف على بناتي من مصيرنا المجهول، ماذا عساي أن أفعل، أظن هذا أفضل حل". وعلى الشارع الرئيسي لمخيم الزعتري الذي بات يعج بالأكشاك والمحال الصغيرة العشوائية المبعثرة، افتتح أبو أحمد (40 عاما) قبل نحو ستة أشهر محلا لتأجير بدلات الأعراس والإكسسوارات والعطور والألبسة النسائية الداخلية. ويقول أبو أحمد القادم من دمشق "رغم كل شيء عجلة الحياة يجب أن تستمر بالدوران". وتابع وهو يراقب خطيبين في مقتبل العمر يمعنان النظر بإحدى بدلات الأعراس البيضاء المزركشة التي غطاها الغبار "يوميا أقوم بتأجير بدلتين أو بدلة على الأقل وبعشرين دينارا وليوم واحد فقط"، مشيرا إلى أن أسعاره "في متناول الجميع". وحذرت صفحات انتشرت في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" أسسها ناشطون سوريون من مخاطر مثل هذه الزيجات. وقال مؤسسو صفحة "لاجئات لا سبايا" إن "هذا موضوع إنساني ووطني يقلقنا"، مشيرين إلى أنه "لا يمكن أن يكون الزواج منة أو حسنة أو مساعدة".