أصبحت الأسواق الشعبية ملاذا للكثيرات من اللاتي يبحثن عن زينتهن من الحلي بسبب ارتفاع أسعار الذهب في وقتنا الحالي. وقد تدارك التجار تلك الحقيقة فحشدوا أرفف محلاتهم بالمعادن المطلية بماء الذهب والفضة، بالإضافة إلى الإكسسوارات الفرنسية والهندية والزركونات والكريستالات. وأغلقت أغلب محلات الذهب أبوابها في تلك الأسواق الشعبية حتى لم يتبق منها إلا بعض المعارض القليلة, على الرغم من كثرتها قبل عدة سنوات ماضية. ويقول البائع في معرض للذهب (محمد عبد الله) إن أغلب تجار الذهب توجهوا إلى سوق العقار حينما وجدوا أن هناك مكاسب عظيمة سيجنونها من ارتفاع سعر الذهب إلى الضعف، فباع أغلبهم جميع مصوغاتهم. وعن حركة بيع الذهب الآن قال: إن البيع لم يعد مثل السابق، ولكنه ما يزال على ما يرام رغم غلاء الأسعار, مؤكداً أن الجميع أصبحوا يشترون الذهب للمناسبات فقط أو عند الحاجة, فأطقم الذهب التي كانت تباع قبل عدة سنوات بألف وخمسمئة ريال أصبحت تباع الآن بأربعة آلاف وأكثر، وذلك لارتفاع سعر الجرام, موضحاً أن بعض النساء المقبلات على الزواج يشترين ما يحتجنه من الذهب، و تأخذ إحدهن بقية زينتها من محلات الإكسسوارات. وداخل أحد محلات الإكسسوارات قالت المواطنة أم خالد إنها تفضل هذا النوع من الذهب المطلي، لأنه أرخص، وبمقدورها شراؤه بعكس الذهب الذي لا تستطيع حتى أن تدفع نصف قيمته. وقالت أم محمد إن التجار استطاعوا كسبنا كزبونات بتقليدهم الماركات العالمية بأسعار في متناول أيدينا رغم جودة الصنع والشكل المبتكر. ويقول أبو صالح أحد تجار الحلي المطلية بماء الذهب إن هذه النوعية من البضاعة ليست جديدة على المحلات، فهي موجودة من قبل، ولكنها كانت قليلة وكانت تعرضها مجموعة محدودة من المحلات المعروفة في منطقة معينة، أما الآن فهي منتشرة في كل مكان, حتى إن هناك بعض تجار الذهب وجدوا أن هذه التجارة رابحة فسلكوا الطريقين: تجارة الذهب وتجارة الإكسسوارات. وفي محل إكسسوارات آخر أبدى سليمان بن سميدع تذمره من العمالة السائبة، موضحاً أنها سبب في ركود الكثير من المحلات المختصة بهذا النوع من الإكسسوارات, بتقليدهم لها بأخرى رديئة. وأوضح أن المرأة تبحث عن الأسعار الرخيصة وليس الجودة، فتقارن البضاعة الرديئة بالأخرى الجيدة رغم أن هناك اختلافا واضحا في الجودة, والعمالة تؤكد للنسوة أن بضاعتهم ستستمر معهن حتى سنتين قادمتين رغم أنها في الحقيقة لا تبقى إلا لمدة ستة أشهر- على حد قوله - . وقال إن أمانتي في البيع تمنعني من الكذب على المشتريات فأصارحهن بالحقيقة ليتوجه البعض منهن للشراء من العمالة بحثاً عن الأرخص. وأكد سليمان أن الأسعار تختلف من مكان إلى آخر، رغم أن البضاعة الموجودة واحدة. وبرر ذلك الاختلاف بسبب الأماكن, فما يباع في الأسواق الشعبية هو نفسه الذي يباع في المعارض الموجودة بالأسواق الكبرى في الأحياء الراقية، ولا تجد اختلافا إلا في ارتفاع الأسعار في الأخيرة, ومع ذلك تجد إقبالا من النسوة عليها. أما أم علي فقد توجهت لهذا النوع من التجارة مفترشة الطريق أسوة بغيرها من التجار، و أكدت أن هناك الكثيرات من النساء توجهن لهذه التجارة،"كما أن النساء يقبلن على هذا النوع من الحلي الذي أعرضه", على الرغم من أن " بسطتها" كانت بمقابل محلات الذهب. ويؤكد تاجر الذهب محمد بن سليمان المحيسن أن تلك النوعية من الإكسسوارات لا يستمر بريقها في الحقيقة أكثر من 6 أشهر، فأول التغيرات التي تحدث لها هو تغير لونها بعد مدة بسيطة من ارتدائها.. هذا عدا ما تسببه من حساسية لجلد المرأة واحمراره. وأكد المحيسن أن بعض الأنواع من هذه الحلي لا تكون من الفضة أساساً ولا توجد لها ضمانات تثبت ذلك. و عن تأثير تجارة الإكسسوارات على تجارة الذهب، قال: نعم، إن هذا النوع من التجارة أضر بنا كتجار كون هذه التجارة تأخذ حصة من سوق الذهب, و بعض النساء يهمهن رخص الأسعار ولا يهمهن الاستثمار. وأشار إلى أن سوق الذهب مضمار رائع للاستثمار، فأسعاره في ارتفاع دائم، وكلما ارتفعت قيمته كان الاستثمار فيه أكثر ربحية, و ذلك على العكس من الإكسسوارات التي ليس لها قيمه نهائياً وهي صرف فقط للمال، متعجباً من المرأة التي تدفع نصف سعر ما تشتريه من الذهب في تلك الإكسسوارات. ونصح المحيسن السيدات اللاتي يشترين الإكسسوارات بالمطالبة بشهادة تحميهن من أضرار تلك المعادن الرخيصة التي تسبب أمراضا في المستقبل البعيد، مؤكداً أن في أوروبا تمنع إضافة المعادن الأخرى على الذهب مثل الزنك وغيره . وتمنى أن تبصّر الجهات الرسمية المواطنين والمستهلكين بهذه الأمور, مؤكداً أنه بعد أن يعي الناس تلك الحقائق سيطالبون بحقوقهم وسيعاقب التجار الذين روجوا لتلك البضاعة. وأكد مدير العلاقات العامة في هيئة المواصفات والمقاييس سعد المسيحل أن الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة أولت اهتماماً كبيراً بموضوع السبائك الذهبية والمعادن، من أجل حماية المستهلكين والحد من ظاهرة الغش في هذا المجال المهم. وأصدرت حوالي 13 مواصفة قياسية سعودية في هذا المجال، مسترشدة في ذلك بالمواصفات القياسية الدولية، وهى تتعلق بالسبائك الذهبية والمعادن الثمينة والطلاء بالذهب، كما أن الهيئة أولت جهوداً في معايرة الموازين المتعلقة بالذهب من خلال المركز الوطني للقياس والمعايرة والتأكد من دقتها، فضلاً عن أن مختبر المعادن بالهيئة له جهود في التأكد من نقاوة الذهب، ومعرفة مكوناته. وكل هذه الجهود تصب في حماية المستهلك.