أوضح الشيخ الدكتور محمد بن يحيى النجيمي في تصريح ل"الوطن" أن المرأة التي ترى وجوب النقاب- وهو المعمول به في السعودية لأن المرجعية الشرعية لهيئة كبار العلماء بالمملكة تأخذ بالقول الراجح وهو وجوب تغطية الوجه- لا يجوز لها أن تكشف عن وجهها في بلد يحظر فيه النقاب لأن السياحة ليست من الضروريات ولا من الحاجيات بل هي من المباحات. وأضاف النجيمي قائلاً إن السياحة إلى بلد غير مسلم لا تجوز لأنه يوجد عندنا أماكن سياحية في بلادنا وفي بلدان إسلامية كثيرة، لا تحظر النقاب، ومنها تركيا وماليزيا وغيرهما. وقال النجيمي: أما المرأة المقيمة إقامة دائمة في فرنسا، وهي تحمل الجنسية الفرنسية أو مقيمة بصفة دائمة في فرنسا، فإذا كان عليها ضرر من ارتداء النقاب كأن تمنع من دخول الجامعة مثلاً أو تفرض عليها عقوبات في الشوارع والأماكن العامة، فإنه يجوز لها أن تكشف وجهها للضرورة والحاجة، موضحا أن الحاجة تقدر بقدرها، فحيث أمكنها تغطية الوجه وجب عليها. أما من يرون عدم وجوب تغطية الوجه من غير المسلمين في غير بلدنا، فإنهم يستفتون المفتين في بلدانهم ويقلدونهم. وشدد النجيمي على أن المرأة التي ترى وجوب تغطية الوجه وتقلد المفتين في بلدها كالسعودية، فإنه إذا اضطرت للعلاج ولايمكن أن تجد علاجاً إلا في بلد غير مسلم يمنع النقاب، فإنه يجوز لها أن تكشف وجهها للحاجة والضرورة وتقدر الضرورة بقدرها، فإذا أمكنها أن تغطي وجهها وجب عليها. أما إذا كانت تذهب للدراسة فالأصل أنه لا يجوز للمسلم أوالمسلمة أن يتعلم أو تتعلم في بلد غير مسلم إلا لحاجة، كأن لا يوجد التخصص إلا في ذلك البلد أو أنها مرافقة لزوجها وأرادت أن تستغل وقتها في التعلم، فحيث أمكنها أن تغطي وجهها وجب عليها، وإذا ترتب على ذلك ضرر جاز لها أن تكشف وجهها، وكما سبق فالحاجة والضرورة تقدر بقدرها. ونصح النجيمي الطالبة التي تدرس حالياً في بلد يحظر النقاب والحجاب أن تواصل دراستها. كما نصحها بعدم قطع الدراسة، لأنه يترتب على ذلك خسائر مادية ومعنوية كبيرة ولا ضرر ولا ضرار في الإسلام، وهذا من مبدأ عظيم في الإسلام "فاتقوا الله ما استطعتم"، و"إن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها". ونبه النجيمي إلى نقطة هامة وهي أنه لا يجوز للمرأة المسلمة أن تسافر إلا مع ذي محرم، مؤكدا أنه لا يجوز أن تتعلم علما في البلاد غير المسلمة إذا كان هذا العلم موجودا في بلدها، إلا إذا دعت الحاجة والضرورة، وهذه ضوابط شرعية لابد من أخذها بالاعتبار. وعن الطالبات المبتعثات، قال النجيمي: بالنسبة للطالبة المبتعثة فإذا كان معها محرم كوالدها أو زوجها أو أخوها، وكان التخصص مهماً ونادراً، ويحتاج إليه المجتمع فلا بأس. وأوصى النجيمي الطلاب والطالبات المسلمين بأن يبحثوا عن العلم في البلدان الإسلامية كماليزيا وغيرها، وإلا فلا مانع من الذهاب للبلدان غير المسلمة، ولكن بالضوابط الشرعية التي سبق ذكرها. واعتبر النجيمي حظر النقاب في بعض الدول الأوروبية انتهاكا لحقوق الإنسان، مشيدا برئيس مجلس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون عندما وقف ضد حظر النقاب في بريطانيا. وقال: نثمن لكاميرون هذا الموقف الإنساني العظيم الذي يستحق عليه الشكر والتقدير من المسلمين في بريطانيا وغيرها. وأشاد النجيمي بمنظمات حقوق الإنسان في فرنسا والأحزاب والقوى السياسية المعارضة لحظر النقاب على مواقفها العظيمة. وقال: نشيد بها وندعو المسلمين إلى التعاون معها. وتوقع النجيمي أن تكون هذه المواقف الإيجابية مؤدية إلى رفع حظر النقاب في فرنسا. من جانبه، بين الشيخ الداعية الدكتور عائض بن عبدالله القرني في إيضاح ل"الوطن" أن أصل هذا الموضوع يعود لسؤال وجه له بشأن تعرض سعوديات وغير سعوديات لبعض المضايقات في فرنسا بسبب النقاب، وما هو الحل؟، وهل يباح لهن كشف الوجه للضرورة؟. وقال إنه لا بأس بذلك لوجود هذه المضايقات، ولأن جمهورا من أهل العلم أفتى بجواز كشف وجه المرأة، وهو رأي للمالكية والشافعية والأحناف وألف فيه الألباني كتاباً. وأضاف القرني أنه دعي وصديقه النجيمي لإيضاح مثل ذلك، فبين رأيه في النقاط التالية: أولا: أستنكر ما فعلته فرنسا بالنسبة للنقاب وهو مخالف لما قامت عليه دولتهم العلمانية، وينتهك حقوق الإنسان وحرية الأديان. ثانياً: أدعو للسياحة داخل بلاد المسلمين في السعودية مثلاً كالمناطق الجنوبية وغيرها. ثالثاً: السفر للدراسة أو العلاج مطلوب ومحبب، أما للسياحة فلا أدعو لذلك في بلاد الغرب، وإنما تم سؤالي عن حالة قائمة، وهي وصول سائحات سعوديات وغير سعوديات إلى فرنسا، حصلت لهن مثل هذه المضايقات، فأجبت على حسب الحالة. وكشف القرني عن أن المرأة إذا كانت مضطرة لتجارتها في تلك البلدان وتخشى أن تحدث لها مضايقات، فلا بأس بأخذ الرخصة في ذلك، كما قال تعالى "فاتقوا الله ما استطعتم". وشدد القرني على أنه لا يجب تعميم فتوانا في السعودية في المسائل الخلافية على كل المسلمين.