يشهد هذا العام تخريج دفعات كبيرة من الدارسين في مختلف أنحاء الكرة الأرضية، ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للابتعاث الخارجي، والحقيقة أن تلك الأعداد الضخمة هي بمثابة حصاد السنين لهذا البرنامج الذي يعيش عامه الحادي عشر. كندا، وأستراليا، وفرنسا، واليابان، والولايات المتحدة الأميركية، وبريطانيا، جميعها دول شهدت أو تشهد حفلات من هذا النوع، إضافة إلى عقد "أيام المهنة" المخصصة لالتقاء الخريجين، بالجهات الوظيفية، والمبهج في الموضوع هو الطلب المتزايد على هؤلاء الطلبة من قبل تلك الجهات بما فيها شركات كبرى، ومستشفيات عملاقة، وجامعات عريقة. وبقدر ما يمثل ذلك من عنصر إعجاب، بقدر ما يمثل حافزاً للنظر للموضوع بجدية أكبر، فقبل أعوام منصرمة، أعلنت وزارة التعليم العالي عن دراستها إضافة سنة تدريبية للمبتعثين، بهدف إتاحة الفرصة لاكتساب الخبرة ، وكقيمة مضافة للابتعاث، وكم كنا نتمنى لو تم تطبيق هذه الفكرة التي لم تر النور حتى الآن. التدريب جزء لا يتجزأ من ثقافة التعليم، بل يكاد يكون عاملاًَ أولوياً ربما يفوق الدراسة الأكاديمية في الأهمية، فكم ستكون الفائدة أكبر لو تعلم الطالب بجانب تحصيله الدراسي، تنظيم الوقت، والانضباط في العمل، فضلاً عن المهارات الأساسية في تخصصه بشكل عملي، ليكون بالفعل عنصراً فاعلاً في مجتمعه، بعد أن يعود إليه حاملاً شهادته العلمية. وعلى النقيض ستقل أهمية الدرجة العلمية، ما لم يصحبها جانب تدريبي، وتتناقص مع تراكم السنين، خاصة أن بعض الطلبة يعودون، ويضطرون إلى شغل وظيفة أخرى لا علاقة لها بالتخصص، ومن ثم يصبح ما صرفوا من وقت وجهد، وما أنفقت عليهم الدولة من أموال هباء منثوراً ، إلا في حالات محدودة.