أثار التقرير الذي نشرته "الوطن" أمس، والمتضمن دراسة بحثية حول الإسكان كشف عنها الدكتور عبدالله دحلان، الجدل في اليوم الثاني لفعاليات منتدى جدة الاقتصادي، بعد أن رفض منظمو المنتدى طلبا لوزير الإسكان، الدكتور شويش الضويحي، بحجب الدراسة التي كانت مجدولة في المنتدى أمس، وهو ما تم بالفعل. وكشف عضو اللجنة المنظمة، الدكتور عبد الله دحلان، أنه اضطر للتأخر لمدة ساعة عن موعد بدء الجلسة، بسبب نقاش مع رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بجدة، رئيس المنتدى صالح كامل، حول ما حدث، وقال إن كامل أصر على عدم حجب أي أوراق عمل تمت جدولتها، مؤكدا أن وزير الإسكان "ضيف على المنتدى فقط"، وأوصى باستكمال الجلسة. وفي المقابل، أوضح نائب وزير الإسكان، عباس هادي، أن طلب حجب الجلسة هو تصرف فردي من قبل أحد موظفي الوزارة، إلا أن دحلان المتحدث الرئيس في الجلسة قال "ما قام به الوزير تصرف غير مسؤول، ولا يحق لأي وزير الجلوس على مقعد الوزارة إذا كان يوصي بحجب الحقائق". حذر الدكتور عبد الله صادق دحلان، عضو اللجنة المنظمة لمنتدى جدة الاقتصادي، مدير الجلسة الأولى للمنتدى أمس، من أزمة إسكان بالسعودية خلال السنوات المقبلة في حال عدم التقدم بحلول عاجلة وواقعية. ولفت إلى أن سكان المملكة يحتاجون إلى 350 مليون متر مربع من الأراضي،" في حين أن الموجود لدينا في الوقت الحالي 280 مليون متر مربع". واستغرب دحلان في حديثه في مستهل الجلسات وجود أراض كثيرة بيضاء حصل عليها البعض كمنح وتركوها خاوية بهدف الاستفادة من ارتفاع الأسعار. وشدد على وجود فجوة كبيرة بين العرض والطلب على مدار السنوات الماضية، الأمر الذي ساهم في ارتفاع أسعار المساكن بصورة غير معقولة، مشيراً إلى أن الجهات التمويلية، ومنها صندوق التنمية العقاري الذي أنشئ قبل 33 عاماً، لم تقدم الدعم الكافي حتى الآن. وثمن دحلان للمنظمين لفت الأنظار إلى خطورة أزمة الإسكان خلال فعاليات منتدى جدة الاقتصادي الثالث عشر، مؤكدا أن من أهم أساسيات المجتمع "الغذاء، والتعليم، والصحة، والإسكان ". وذكر أن 37% من السعوديين لا يملكون سكنا ويعيشون بالإيجار، في حين أن 30% منهم يسكنون في مساكن غير لائقة وأغلبها في العشوائيات، وهي الأحياء التي تسعى الدولة لمعالجتها وإعادة تأهيلها، مشيراً أن 67 % من سكان المملكة يبحثون عن سكن لائق. وكشف دحلان عن أن الدراسة البحثية التي أعدتها جامعة التكنولوجيا بجدة، وطالب وزير الإسكان قبل عرضها بإلغاء الجلسة، كشفت واقعا مؤلما، وأن ما نسبته 85% من سكان المملكة يعيشون في المدن الرئيسية، وتستحوذ مناطق مكةالمكرمة والرياض والمنطقة الشرقية على نسبة 64.5% من السكان، وتعتبر جدة أكثر مدن المملكة كثافة سكانية. وقال دحلان إن التركيبة السكانية للسكان السعوديين تشير إلى أن مشكلة السكن سوف تستمر للأجيال القادمة، ومن ثم زيادة حدتها كنتيجة لتراكم الطلب على المساكن ما لم يتم تضييق فجوة الطلب والعرض الحالية على المساكن. وتعد المشكلة وبصفة خاصة لأصحاب الدخول المنخفضة من المشاكل التي تعاني منها كل الدول، بغض النظر عن تقدمها أو درجة ثرائها. وبدأت المملكة تنتبه لتلك المشكلة منذ سبعينات القرن الماضي، وتم استخدام منح الأراضي السكنية، وتقديم القروض العقارية طويلة الأجل دون فوائد عن طريق صندوق التنمية العقارية كأدوات للتغلب على تلك المشكلة. وأشار دحلان إلى أنه لدى المملكة أكبر سوق للعقارات في دول مجلس التعاون الخليجي، ولكن في نفس الوقت أقل أسواق الرهن العقاري نمواً، مما أدى إلى النقص في المساكن التي يملكها شاغلوها ولا سيما أولئك في الطرف الأدنى من سلم الدخل، مقدراً الرهن العقاري في المملكة بحوالي 2%، في حين أن أسواقاً مثل الإمارات العربية المتحدة لديها معدل يبلغ نحو 14% .. أقل بكثير من الأسواق الغربية الناضجة مثل المملكة المتحدة التي يبلغ الرهن العقاري فيها نحو 70%. وأضاف: علينا مسؤولية كبيرة بتغيير سلوكياتنا وثقافتنا تجاه السكن، والاقتناع بضرورة السكن في وحدات متوسطة، والقبول بالتوسع الرأسي بدلاً من التشبث بالسكن في الفلل والبيوت الواسعة.