الجزء الثالث عن حقوق الصورة أوجهه لوزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجه بصفته المسؤول عن الشأن القانوني في ما يخص تنظيم وتسجيل وحفظ حقوق الصورة الفوتوغرافية بصفتها مصنفا من مصنفات قانون حماية المؤلف الذي يقع تحت مسؤولية الوزارة. وأبعد من الشأن القانوني، فالوزير بصفته شاعرا /مؤلفا معني بهذا النظام وبمدى جودته لحماية حقوق المؤلفين. وقبل البدء يجب التنويه إلى أن الصورة الفوتوغرافية قانونيا وأخلاقيا ومهنيا تعيش حالة مرضية نتيجة سنوات من غياب قوانين التنظيم والحفظ وغياب التدريب والتدريس الأكاديمي بالإضافة إلى ضعف وعي واهتمام المجتمع بالصورة كمنتج فني أو إعلامي. كما أن فشل الجمعية السعودية للتصوير الضوئي مؤخرا أضاف مرضا جديدا لهذه الحالة. مع كل هذا، يظل الأمل بإصدار قوانين تحفظ حقوق الصورة ومصورها وتنظم آلية عمل المصورين وتضع أسسا للعمل والتدريب الفوتوغرافي بمهنية عالية هو المحفز الأول لهذه السلسلة من المقالات. وبدراسة النظام الحالي لحماية حقوق المؤلف نجد أنه، برغم الجهد الكبير المبذول به، لم يشمل كل الأنظمة التي من شأنها حماية حقوق الصورة والمصور وتوضح آلية عملية تسجيل الحقوق، ومن هذه الملاحظات: أولا: لم يشمل ويوضح النظام العديد من القضايا الخاصة بالصورة بشكل خاص والفنون ثنائية الأبعاد بشكل عام. وأهم ما ينقص هذا النظام هو عدم وجود نص يوضح آلية وكيفية تسجيل الصورة بصفتها مؤلفا. ومن واقع تجربة شخصية حاولت فيها تسجيل صوري في أحد فروع الوزارة اصطدمت بنظام غريب يطلب مني التقدم بمشروع كتاب فوتوغرافي متضمنا الصور حتى يتم تسجيل الصور! أي أنه لا يوجد نظام لدى الوزارة لتسجيل حقوق الصورة فعليا كما هو موجود في نظام حماية الحقوق الأمريكي كمثال. ثانيا: في الفقرة السادسة من المادة التاسعة عشرة في مدة الحماية تضمن النظام أن حماية حقوق الصورة تصل إلى خمسة وعشرين عاما من تاريخ نشرها! وهذا إجحاف بحق المصور مقارنة بحقوق المؤلفين للمصنفات الأخرى مثل الأفلام والمصنفات السمعية التي تصل إلى الخمسين عاما. ثالثا: لم يوضح النظام الفرق بين الصورة التجارية والصورة التحريرية. ولم يوضح النظام في هذا الشأن التراخيص التي تحفظ للمصور التجاري حقوق صورته حين يتم تصوير أشخاص أو ممتلكات الغير بغرض الاستعمال التجاري وهو المتعارف عليه ب(الموديل ريليز). رابعا: تعامل نظام حماية حقوق المؤلف مع الصورة بشكل عام بدون أن يوضح الفرق بين استخدامات وحقوق الصورة المطبوعة والصورة الإلكترونية. كما لم يوضح النظام كيف تصبح الصورة أصيلة ومبتكرة حتى تحفظ حقوقها الفكرية وآلية إنتاجها من السرقة. ولم يوضح النظام بتفاصيل أكثر أشكال الاستعمال العادل للصورة (فير يوز)، خاصة أن الصورة من أكثر الأشكال الإبداعية والإعلامية تداولا في هذا العصر فهي بحاجة أكثر لنظام أشمل. خامسا: مع انتشار ظاهرة الصحافة السعودية الإلكترونية انتشر معها الاستعمال غير القانوني للصور الصحفية بشكل أكبر وأخطر مما هو موجود في بعض أشكال الصحافة المطبوعة. ويمكن للوزير أن يطرح سؤالا واحدا أمام كل من يرغب من مؤسسي الصحف الإلكترونية بالحصول على ترخيص رسمي عن مصدر الصور التي تنشر في صحفهم الإلكترونية؟ أو بزيارة سريعة إلى أغلب الصحف الإلكترونية نجد آلاف الصور تنشر بدون أسماء مصوريها بالإضافة إلى استعمال صور مصوري صحف أو هواة ومحترفين بدون مقابل مادي أو أدبي. سادسا: فشل الجمعية السعودية للتصوير الضوئي التي أعفى الوزير رئيسها قبل عدة أشهر يتقاطع مع عدم نضوج التجربة الانتخابية المحلية ولكن في تجربة الجمعيات الفنية السعودية إشكالية أكبر وهي أن شروط الانتخاب والمشاركة في هذه الجمعيات، والتصوير منها، تفتقد أهم شرط وهو مدى ارتباط الناخب والمرشح بالتصوير كمهنة أو كفن. فحين تصبح انتخابات هواة لا يمكن توقع عمل احترافي. لذا، ما آمله من معالي الوزير أن ينظر في الملاحظات المذكورة حول نظام حماية حقوق المؤلف تحديدا بالإضافة إلى الملاحظات الأخرى التي تقع تحت مسؤولية الوزارة بخصوص الصورة كمؤلف والتصوير كمهنة. ومما أقترحه من واقع تجربتي حول هذه الملاحظات: 1- أن نظام حماية حقوق المؤلف يحتاج إلى التفصيل في الأمور المتعلقة بآلية تسجيل الصور وحفظ حقوق مصوريها. كما يجب أن تعمل الوزارة على إنشاء إدارة تختص بتسجيل حقوق الصور يتوجه لها المصور أو يراسلها إلكترونيا أو بريديا ليتم تسجيل أعماله ثنائية الأبعاد. وأفضل أمثلة على ذلك النظام الأمريكي التابع لمكتبة الكونجرس أو النظام البريطاني لحقوق الملكية. 2- قانون الاستعمال العادل يجب أن يشرح ويفصل بالأرقام والصور البيانية كل أشكال وكيفية الاستعمال العادل، بالإضافة إلى ضرورة زيادة مدة حفظ حقوق الصورة إلى خمسين سنة أسوة بالمصنفات الأخرى أو لمدة سبعين سنة كما في النظام الأمريكي. 3- يجب أن يوضح النظام أوجه الاختلاف بين الصورة التجارية والتحريرية وإعادة صياغة حقوق كل صورة وآلية تسجيلها وملكيتها. 4- حفظ الحقوق المادية والفكرية للمصورين يعني ازدهار هذه المهنة والرفع من مهنيتها ويفتح أبواب كثيرة للاستثمار في هذا المجال ويزيد من الإبداعية والتنافسية، لأن الخوف من سرقة الأفكار و استعمال الصور المتداولة تجاريا وتحريريا يهدد أي مصور يريد الاستثمار في هذه المجال أو ينوي اختيار التصوير كمهنة. 5- محاكمة أي وسيلة إعلامية تنتهك تستعمل صورة بدون دفع حق مادي أو أدبي للمصور ، وتسهيل إجراءات التقدم بشكاوى لدى الوزارة ضد أي وسيلة إعلامية أو جهة تجارية أو أفراد ينتهكون حقوق المصورين والتشهير بهم من قبل الوزارة. 6- عدم السماح بترخيص أي صحيفة إلكترونية بدون أن يتم التأكد من مدى نظامية آلية جمعها للصور، وارتباطها بوكالات صور مرخصة، وإثبات وجود مصورين صحفيين تابعين لها. 7- العمل على تفعيل القرار السامي الكريم رقم (5142/م ب) وتاريخ 15 /4 /1426 بخصوص تنظيم التصوير في الأماكن العامة حيث إن الوزارة طرف في اللجنة المشكلة لدراسة موضوع تنظيم التصوير، وما يحدث أن المصور قد يتعرض للمضايقات أثناء تأدية عمله الصحفي أو التجاري أو الفني. 8- إعادة النظر في نظام الجمعية السعودية للتصوير الضوئي في ما يخص شروط الانتخاب. وأهمية مراقبة الوزارة لأساليب الدعاية للمرشحين أثناء الانتخابات ومدى التزامهم بنظام الجمعية. وإلزام مجلس الإدارة بتطبيق وتنفيذ أهداف الجمعية وتحديدا في ما يخص حقوق الصورة والرفع من مهنية التصوير كمهنة وكوسيلة تعبير فنية. أخيرا، كما ذكرت أن الوزير بصفته مسؤولا وأعلاميا وأديبا وناشطا في وسائل التواصل الاجتماعي الإلكترونية والصحافة الإلكترونية فهو يدرك بلا شك أهمية الصورة في كل تلك الإشكال الفنية والإعلامية وأهمية أن يعمل المصور في بيئة مهنية تحميها القوانين. ويكفيني ثقة أن هذه الملاحظات سيكون لها أهمية لديه لما ذكره للزميل صالح الشيحي في حواره معه، "أهم حاجة هي المهنية.. أنا حريص جدا على المهنية". إذا، فالمهنية لا يمكن أن تتم بدون قوانين تحكم العمل الفوتوغرافي بكل أشكاله، ولا يمكن أن تزدهر المهنية بدون متابعة جادة لأي انتهاكات لهذه القوانين. وأدرك أن الفوتوغرافيين السعوديين يشاركونني الثقة الكبيرة في الوزير لتأسيس مرحلة جديدة تؤسس لبيئة فوتوغرافية أكثر مهنية. * كاتب ومصور فوتوجرافي سعودي