لم يكن يتوقع أكثر المتفائلين بمستقبل الإنترنت في مصر عمومًا، ومواقع "التواصل الاجتماعي" على وجه الخصوص، أن تلعب تلك المواقع الدور الهائل الذي لعبته قبيل وأثناء وبعد ثورة الخامس والعشرين من يناير. وسرعان ما أدركت أجهزة الدولة التنفيذية أهمية التواصل مع المواطنين من خلال مواقع "التواصل الاجتماعي"، لتصبح تلك المواقع بمثابة" المتحدث الرسمي" للوزارات والمسؤولين في مصر، وتوارت وراءها تلك الوظيفة تماماً، بعد أن كانت ولمدة عقود أهم وظيفة حكومية باعتبارها همزة الوصل بين مسؤولي الحكومة والجمهور، لإطلاعهم على كافة الأخبار والبيانات التي تتخذها الحكومة. بدأ "المجلس العسكري"، الذي تم تفويضه لإدارة شؤون البلاد عقب تنحي الرئيس السابق مبارك، الظاهرة بتدشين صفحة على موقع "فيسبوك" لإصدار بياناته الرسمية للجمهور، وتلاه عدد من الأجهزة التنفيذية بالدولة كرئاسة مجلس الوزراء، ووزارة الداخلية، والعديد من الوزارات، حتى رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسي لم يفته أن يكون على تواصل مع الشباب ليقوم بتدشين صفحة خاصة به على كل من "فيسبوك" و" تويتر"، أعقب ذلك إعلان النيابة العامة تدشين موقع إلكتروني لها على الإنترنت، كما أسس النائب العام صفحة على "فيسبوك" لتلقي شكاوى ومقترحات المواطنين، وإصدار البيانات والأخبار الخاصة بالنيابة. ولم تكن مواقع "التواصل الاجتماعي" مجرد وسيلة لنشر البيانات والأخبار الحكومية فقط، بل أصبحت الوسيلة الأساسية التي يستخدمها عدد من كبار رجال الدولة لإعلان استقالاتهم، بدأ ذلك بإعلان مستشار الرئيس أيمن الصياد استقالته من خلال حسابه على "تويتر"، تلاه نائب الرئيس محمود مكي الذي أعلن استقالته على صفحة مدير مكتبه على "فيسبوك"، ثم ظهرت استقالات متتالية لمستشاري الرئيس مرسي الإعلامي عمرو الليثي، وسكينة فؤاد اعتراضا على الإعلان الدستوري الذي أقره الرئيس في أواخر نوفمبر الماضي. وبعد أسابيع لحق وزير الاتصالات المهندس هاني محمود، ركب المستقيلين "إلكترونياً" عندما فاجأ الجميع بإعلان استقالته، غير المتوقعة، عبر حسابه على "تويتر"، ليلحق به بنفس الطريقة وزير الدولة للشؤون القانونية والمجالس النيابية الدكتور محمد محسوب. من جهتها قالت الخبيرة الإعلامية الدكتورة عزة هيكل ل"الوطن": "أصبحت هذه المواقع وأهمها "تويتر" و"فيسبوك" مصدرًا هامًا للبيانات والأخبار الرسمية، بل ونافس أصحابها أجهزة الإعلام في سرعة تداول البيانات ونشرها، إلى أن وصل استخدام التنفيذيين والمسؤولين الحكوميين والنشطاء السياسيين لحساباتهم الرسمية على هذه المواقع ذروته، حين غدا موقعا "فيسبوك" و"تويتر" المصدر الأول، لإعلان استقالات عدد من كبار رجال الدولة. وأشارت إلى أن هذه النقلة النوعية في استخدامات الإنترنت لم تكن في الحسبان، ولم يكن يتوقعها أكثر المتفائلين في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، إذ لم يعد استخدام الإنترنت في مصر أو حتى في العالم العربي، قاصراً فقط على فئة بعينها، وإنما امتد الأمر ليشمل كل الفئات من كل الطبقات، فنجد الآن المتعلم، وغير المتعلم يستخدم الإنترنت، ويدشن لنفسه موقعاً على "فيسبوك" أو "تويتر"، وهو ما تنبه إليه المسؤولون مؤخراً ليصبح التواصل مع الجمهور أسهل من خلال الإنترنت. في سياق متصل، كشف تقرير أميركي أن مصر حققت معدلات نمو عالية بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، حيث وصل عدد المصريين الأعضاء به إلى 11.5 مليون مشترك. وأضاف التقرير الصادر عن "مؤسسة سوشال بيكر" الأميركية، وأورده مركز "المعلومات ودعم اتخاذ القرار" التابع لرئاسة مجلس الوزراء المصري، أن المصريين هم ثاني شعوب العالم من حيث معدلات التفاعل على صفحات "فيسبوك" بعد البرازيل، مشيراً إلى أن اللغة العربية تحتل المرتبة الثانية عالمياً على شبكات التواصل الاجتماعي من حيث نمو معدلات أعداد المستخدمين بعد اللغة البرازيلية. وذكر التقرير أنه من حيث حجم الاستخدام، تأتي اللغة العربية في المركز التاسع عالمياً على "فيسبوك"، وطبقاً لتقرير آخر صادر عن المؤسسة ذاتها فإن عدد مستخدمي "فيسبوك" تخطى المليار، وعدد المستخدمين من خلال الهاتف المحمول، يبلغ 600 مليون مستخدم، وهو يمثل 60% من مستخدميه، كما حقق الموقع 1.13 تريليون "لايك" منذ انطلاق هذه الخدمة عام 2009، و219 مليار صورة منذ عام 2005، منها 17 مليار صورة تم تحديد موقعها.