كشفت "الوطن" الخميس الماضي عدداً من الحيل التي يتم من خلالها شراء البحوث الجامعية من قبل الطلاب المبتعثين، والأسعار التي تباع بها، وتواصل في هذا التحقيق كشف أساليب أخرى، حيث يرتفع سعر إعداد تلك البحوث كلما كان التعامل وجها لوجه، وخاصة لدى الباعة المتجولين حول الجامعات والتجمعات الطلابية. اعترف طالب ماجستير سعودي بقيامه بشراء جميع بحوثه الجامعية، إضافة إلى بحث التخرج في إدارة الأعمال من أحد هؤلاء الباعة، وقد تحدث ل"الوطن" مشترطا عدم ذكر اسمه، يقول إن "إجمالي ما أنفقه على البحوث في عام واحد خلال دراسة الماجستير بلغ 3000 جنيه إسترليني، أي ما يعادل 18 ألف ريال سعودي. وأضاف أنه تعرف على هذه الوسيلة عن طريق زملائه الذين سبقوه، حيث بات هذا الأمر شائعا، وأصبح الحديث حول شراء البحوث وتبادل التوصيات أمرا عاديا، حيث يتبادل الطلاب الجدد أرقام الباعة المتجولين، مشيرا إلى أن هؤلاء الذين تعامل معهم أو سمع عنهم من الجنسيات الإنجليزية، والإيرانية، والهندية. ويبرر الطالب فعله بأنه وغيره من الطلاب اعتادوا على الشراء من أجل اجتياز المراحل الجامعية المختلفة بسبب عدم التأسيس الصحيح والجيد أثناء دراسة اللغة الإنجليزية قبل الجامعة، حيث يضيع بعض الطلاب مرحلة دراسة اللغة باللهو، وقضائها كرحلة سياحية وليس دراسية، أو بسبب الدراسة في معاهد لغة رديئة لا تهيئ الطلاب لخوض التجربة الجامعية، والاعتماد على أنفسهم، إضافة إلى أن كثيرا من الطلاب السعوديين لا يتعلمون أثناء دراسة اللغة كيفية وطريقة إعداد البحوث الجامعية، بخلاف الطلاب البريطانيين الذي يخوضون هذه التجربة قبل التسجيل بالجامعة، أو الطلاب الذين يحرصون على الالتحاق بمعاهد لغة تساعدهم كثيرا في ذلك. ويعترف طالب ماجستير آخر أنه اشترى رسالة الماجستير في الموارد البشرية بسعر 1400 جنيه بغرض الحصول على درجة ممتاز من أجل ترقية البعثة إلى مرحلة الدكتوراه، حيث لا يمكن للطلاب الحصول على موافقة الملحقية الثقافية لدراسة المرحلة التالية سواء الماجستير أو الدكتوراه إلا عبر الحصول على درجة جيد جدا أو ممتاز في المرحلة السابقة. وعادة ما تكون تخصصات مثل القانون، وإدارة الأعمال، والموارد البشرية، والمحاسبة، والتجارة، والأدب، وبشكل عام التخصصات النظرية هي الأكثر طلبا من قبل الطلاب، والأكثر قبولا من قبل الباعة. ويشير المبتعث بجامعة ليدز البريطانية سعد السليمان إلى أنه عادة ما يجد هؤلاء الباعة حول الجامعة وفي مرافقها، حيث باتوا يركزون على الطلاب العرب وخاصة الخليجيين، يقول "إنهم يعملون باحتراف، حيث الأسلوب الراقي في الحديث، وكذاك إبراز البطاقات الشخصية الفخمة، وإبداء الاستعداد لكتابة أي بحث لأي درجة علمية". وأضاف أن أحد الباعة قال إن شركته التعليمية مسجلة قانونيا، وأن العمل في كتابة البحوث عمل قانوني، حيث تملك الشركة موقعا على الإنترنت، وأرقاما للاتصال على مدار الساعة. ودائما ما يبحث هؤلاء الباعة المتجولون عن الطلاب في المناسبات الطلابية، يقول طالب الدراسات العليا محمد السويدان إنه وأثناء حضوره فعاليات ملتقى ومعرض التوظيف السعودي في لندن العام الماضي تعرف على شاب أفريقي في كامل أناقته يحمل حقيبة العمل وكأنه أحد موظفي الشركات المشاركة في الملتقى. يقول السويدان إن هذا الشاب المتجول عرض عليه وبكل احترافية جميع خدماته حول كتابة البحوث، ورسائل التخرج، ولكن السويدان اعتذر كونه يدرس لمرحلة الدكتوراة، إلا أن الشاب أكد أنه يستطيع تقديم خدماته لطلاب الدراسات العليا أيضا، وبأسعار تنافسية مقارنة بالمكاتب المعروفة على الإنترنت، وعندما بدأ السويدان بانتقاده وتوبيخه، وسؤاله عن قانونية العمل اختفى الشاب باحثا عن طالب آخر. ويعزو الطالب هزاع الشليخي أسباب لجوء الطلاب لشراء البحوث بدلا عن كتابتها بأنفسهم إلى رغبتهم في الحصول على الشهادة التي تضمن الحصول على وظيفة لاحقا أو ترقية البعثة، إضافة إلى عدم وعيهم بطرق التعليم الجامعي في بريطانيا مثلا، يقول إن "منهجية وطرق التعليم، هنا مختلفة، حيث تعتمد على البحث والاستنتاج وقراءة عشرات الكتب والمراجع، من أجل تقديم بحث أو درس جامعي واحد، بينما في المملكة مثلا يكون عبر الحفظ أو تخصيص كتاب أو مذكرة واحدة فقط للمادة"، مضيفاً أن ضعف اللغة الإنجليزية لدى المبتعثين أحد الأسباب. ويقول طالب ماجستير في أميركا فضل عدم ذكر اسمه إن "ثقافة الشراء ترجع في أساسها إلى الجامعات السعودية، فحينما كنت أدرس البكالوريوس بها في تخصص اللغة الإنجليزية طلب منا أحد الأكاديميين كتابة بحث من سبعة صفحات عن حياة أحد الشعراء الأميركيين، وعند تسليم البحوث فوجئ أستاذ المادة بأن أكثر من نصف الطلاب قاموا بتسليم نفس البحث مع فروقات بسيطة في المقدمة، وبعد التحقيق معهم تبين أنهم قاموا بشراء البحث من مكتب خدمات الطالب، وأن عامل المكتبة كتب لهم جميعا نفس البحث". ومن خلال اطلاع "الوطن" على العديد من مواقع الإنترنت التي توفر خدمات الكتابة فإن المنافسة محتدمة جدا فيما بينها لكسب رضا الطلاب، واستدراجهم من خلال المعرفة المسبقة بكل احتياجاتهم وظروفهم، وكأن العاملين بتلك المواقع موظفو جامعات، حيث استطعنا أيضا وبعد عدة اتصالات ومحاولات أن نكتشف أن أحد العاملين في هذا المجال موظفا في إحدى الجامعات البريطانية. ويختلف تنافس المواقع حول عدة أمور أهمها السرية، والجودة، وإمكانية متابعة البحث على مدار 24 ساعة، وإمكانية الاتصال والحديث مع متخصصين وأكاديميين عبر الهاتف، أو الفاكس، أو البريد الإلكتروني، أو حتى محادثات الإنترنت الفورية في أي وقت، وكذلك هناك تنافس في عدد الباحثين المتعاونين مع الموقع، حيث يعلن موقع عن وجود أكثر من 1700 باحث وكاتب لديه موزعين حول العالم، ومواقع أخرى تتعهد بعدم مشاركة المعلومات المباعة لأي طالب مع أي طالب آخر لضمان عدم الوقوع في أي قضية قرصنة أو نسخ، بينما تقدم غيرها خدمات إضافية مجانية كإعادة كتابة البحث في حالة عدم النجاح، أو طلب الزيادة، أو الإعادة من قبل المشرف الدراسي.