اطلعت على ما نشر في "الوطن" يوم الثلاثاء الموافق 11/12/2012 في زاوية ضمير متصل للكاتب علي الموسى تحت عنوان: (مصر: إخوان الرغيف والمرور والنظافة).. لقد شبه الكاتب علي الموسى الحالة الديموقراطية في مصر بالسنة التحضيرية في الجامعة. وعلى الرغم من اتفاقي معه في هذا التشبيه بجميع أركانه، إلا أنه قد تجاهل، وهو يحلل الحالة الديموقراطية في مصر وما أفضت إليه، الحالة الديموقراطية الحقة وضوابطها وأسرارها. وقبل أن أوضح ذلك دعونا نعُد إلى الوراء قليلا، إلى المشهد العام في مصر قبل الثورة.. مشهد كان الإجماع فيه على سوء النظام وسوء إدارته، وكان الإخوان المسلمون يعدون فصيلا محظورا، ويعتبر أفراده مارقين على النظام، وبعد الثورة غير المتوقعة والتي لحق بها الإخوان، نشطت كل الفصائل والمنظمات، وكان الإخوان الأكثر تنظيما والأنشط تعبئة والأعمق تجربة على مستوى الشارع، وكانت الثورة هي الفرصة لإبراز الجماعة كفصيل قادر على إعادة تشكيل المستقبل وتشكيل رؤاه ومفاهيمه، وما إن احتكم المصريون إلى الصندوق حتى كان الإخوان الأكثر حظا والأوفر أصواتا قياسا بالأحزاب والقوى السياسية الأخرى. فإن كان فوز الإخوان من خلال شعارات بدائية وبسيطة كما رآها الكاتب إلا أنها كانت وما زالت الشغل الشاغل للشعب بأشكاله المختلفة. وليس عيبا ولا منقصة في أعراف الديموقراطية أن تسوق لنفسك ولحزبك بما يريده الناس ويرتضونه، فهذا بوش الابن وأوباما استخدما ورقة الأمن لدغدغة مشاعر الناخب الأميركي واستمالته من خلال نشر أشرطة لمهام أمنية ضد الإرهاب ومنظريه، حسب العرف الأميركي، وهذا احتياج شعبي يلامس آمال وآلام الناس. وهنا نطرح سؤالا معاكسا: لماذا لم تطرح القوى السياسية والحزبية في مصر الطرح الإخواني ذاته؟ والجواب أن القوى السياسية نزلت إلى الميدان وخاطبت الناخب، ولكن النهاية كانت لمصلحة الإخوان وعبر الصندوق والصندوق فقط. شخصيا لا أرى الأحزاب الأخرى في مصر قادرة على مقارعة الإخوان، سواء من خلال الحشود البشرية أو التظاهرات السياسية، لأن هذه الأحزاب في مجملها أفكار نظرية وممارسات نخبوية بعيدة عن الشارع وإنسانه، ولعل رفضهم الاستفتاء يؤكد أنهم ظواهر صوتية يسوقها الإعلام كبضاعة كاسدة جربها الشعب المصري مرات، وأثبت الزمن عجزها. الشعب من حقه أن يجرب نمطا جديدا من الحكم المدني، فهذه تركيا معقل العلمانية في العالم الإسلامي ارتضت عبر الصندوق نظاما معتدلا يحكمها يقوم على مفاهيم إسلامية معتدلة، وبالمثل وصل الإخوان إلى سدة الحكم في مصر عبر تجربة، وإن رأها البعض سنة تحضيرية في جامعة الديموقراطية، فإنها قد تكون وبضمان الشرعية وأولها الشعب سنة تتبعها سنوات من مراحل الديموقراطية الحقة ونيل شهادة تفوقها المتمثلة في تحقيق مبادئ الحرية والعدل والمساواة.