أصبحت ظاهرة التسلل عبر الحدود الجنوبية مع اليمن، تؤرق سكان منطقة نجران المتاخمة للحدود اليمنية، بسبب كثرة أعدادهم وتنوع جنسياتهم وذلك من خلال ما يمارسونه من جرائم متعددة كالسرقات والاعتداءات وغيرها، الأمر الذي أدخل الخوف في قلوب الأهالي ودفعهم إلى مطالبة الجهات الأمنية بتكثيف الرقابة الحدودية لحمايتهم وممتلكاتهم من خطر المتسللين الذين ازدادوا أخيراً. سهولة العبور "الوطن" التقت عدداً من سكان المنطقة من أصحاب القرى والهجر والقاطنين قرب الأماكن الحدودية، للوقوف على شكواهم. وأكد المواطن صالح السنيدي أن تدفق المتسللين عبر الحدود إلى المنطقة يعود للاضطرابات الأمنية التي تشهدها اليمن مما جعلها نقطة عبور سهلة للمهاجرين الأفارقة ومن ثم إلى مناطق المملكة عبر شريط الحدود الجنوبي في كل من منطقة عسير وجازان ونجران بحثاً عن مصدر رزق جديد، وساعدهم في ذلك المناطق الوعرة والتضاريس الصعبة؛ حيث تتسم مناطق الحدود بين اليمن والسعودية بوجود سلاسل جبلية وعرة تسهل عمليات التسلل وتزيد من صعوبة عمليات مطاردة المتسللين إلى أرض الوطن، وتعتبر نجران الخطوة الأولى لعبورهم إلى بقية المدن. مساعدة مواطنين واستغرب المواطن عبدالله حمد آل دويس ممن يقومون بمساعدة هؤلاء المتسللين بالرغم من كثرة المشاكل والجرائم التي نتجت عنهم على اختلاف جنسياتهم وإن كانت النسبة الكبيرة منهم أفارقة، إلا أن بعض المواطنين لا يزال يتعاطف معهم فيقوم بتشغيلهم والاستفادة منهم في مزارعهم أو في محلاتهم متناسين خطورة ذلك على الفرد والمجتمع. فبعضهم يعتبرهم عابري سبيل فيرق قلبه لهم ويتعاطف معهم ويزودهم بالطعام في سبيل إكمال رحلتهم ووجهتهم أيا كانت دون إدراك خطر ذلك، والدليل أن أغلبهم يتم القبض عليه من رجال الأمن في حرس الحدود والجوازات وهم يقومون بأعمال مختلفة كالزراعة والأعمال المختلفة، مبيناً أن من يتساهلون معهم ولم يقوموا بالتبليغ عنهم قد خانوا وطنهم ودينهم. السرقة والاعتداءات وأضاف المواطن يحيى آل مدشل من سكان زور آل حارث إحدى القرى الحدودية، أن ما نشاهده وبشكل شبه يومي من أعداد المتسللين وبالذات من الأفارقه يشكل خطرا كبيرا على سكان الحي والمنطقة كاملة كونهم غير نظاميين ويعيثون في الأرض فسادا، فضلا عن ذلك فالغالبية منهم يملكون أسلحة بيضاء مخبأة معهم ولا يتوانون في إظهارها أو حتى استخدامها بدون حسيب أو رقيب لتأكدهم من سهولة عبورهم الأماكن الحدودية بين المملكة واليمن، بل تعدوا ذلك الأمر بكثير حيث صاروا ينظمون عددا من العصابات المسلحة ويخرجون كمجموعات منظمة تنفذ عددا من أعمال النهب والاعتداءات على المواطنين. أوكار الترويج وأشار المواطن سالم اليامي إلى أن الغالبية من المتسللين يقطنون في البيوت القديمة خصوصاً في القرى، فيتم تحويلها إلى أوكار لترويج الخمور والقيام بأعمال محظورة كمصانع الخمر والعرق والسحر والشعوذة، إضافة إلى تهريب وترويج المخدرات نظرا للتضاريس الجبلية الوعرة التي وجدوا فيها مكانا آمنا بعيدا عن رجال الأمن. فيما حمل المواطن مسفر العمورات من سكان قرية زور العماري المحاذية للحدود اليمنية، المواطن المسؤولية العظمى بسبب تهاونه في الإبلاغ عن المتسللين المنتشرين في الجبال والأودية القريبة من القرى والأحياء مما شكّل ظاهرة مخيفة، مبيناً أن المتسللين ينتشرون أثناء النهار في كل مكان بحثاً عن عمل أو مصدر رزق "حلالا أو حراما" فلا يهمهم ذلك بقدر ما يهمهم الحصول على المال. وأضاف العمورات، أنه لا يوجد لدينا نظام صارم يتخذ بحق المتسللين غير الشرعيين عبر الحدود اليمنية فمن يقبض عليه يتم ترحيله عبر أقرب منفذ من قبل الجهات الأمنية وهذا ساعد على رجوعهم مرات عدة إلى أراضي البلاد، مبينا أن مشهد سماع إطلاق النار على المتسللين عبر الجبال من قبل دوريات حرس الحدود أضحى مألوفا لدينا بسبب كثرة الأعداد التي تتسلل عبر الحدود فبعضها يقبض عليه والبعض الآخر يتمكن من العبور. نقل الأمراض المعدية وأوضح المواطن عزالدين آل حيدر، أن عدد المتسللين والمجهولين كبير فهم يتسللون كمجموعات وعصابات مما يشكل خطراً كبيرا على المجتمع. وعلى الرغم من امتهانهم عددا من السلوكيات الخاطئة التي تؤثر سلباً على أبناء المنطقة إلا أن المشكلة تتعدى ذلك في إمكانية انتشار الأوبئة والأمراض بسبب إهمالهم لأنفسهم وعدم توفر الرعاية الصحية لديهم، فضلا عن أنهم قادمون من بلاد القرن الأفريقي التي تكثر بها الأمراض المعدية بما فيها الإيدز وغيرها من الأمراض التي قد تصبح وباء كبيرا على أهل المنطقة، فكثير من الأمراض سمعنا عنها مؤخرا كان الناقل لها المتسللون بمن فيهم النساء اللاتي يعملن خادمات بالمنازل وبأسعار متوسطة ودليل ذلك انتشار القمل في مدارس البنات وفق تأكيدات المختصين أن السبب يعود إلى الخادمات الإثيوبيات المخالفات لنظام الإقامة والعمل. الدفاع عن النفس ولفت المواطن أحمد آل قظيع أحد سكان قرية الموفجة الحدودية، أن المتسللين الأفارقه ازداد عددهم في الآونة الأخيرة وبشكل مخيف، ويوجدون في كثير من القرى والأودية، غالبيتهم مسلحون بالسواطير والأسلحة البيضاء، الأمر الذي دفع أغلب الأهالي لحمل سلاحهم الشخصي للدفاع عن أنفسهم بعد رواج العديد من قصص النهب والاعتداء على المواطنين من قبلهم، مطالبا الجهات المعنية بتكثيف وجودها ونقاط التفتيش سواء داخل المدينة أو بالقرب من الأماكن الحدودية كي تزرع الأمن في نفوس المواطنين الذين انتابهم الخوف والقلق من كثرة ما سمعوه من الحوادث المتفرقة من اعتداءات وسرقات كان أبطالها أولئك المتسللين وغالبيتهم من الأفارقة السود. جهود أمنية من جهته، أوضح قائد حرس الحدود بمنطقة نجران اللواء محيا بن عطا الله العتيبي ل"الوطن"، أن دوريات حرس الحدود استطاعت بفضل من الله خلال الستة أشهر الماضية التصدي للعديد من حالات التهريب والتسلل، وتم على إثرها القبض على عدد 23106 متسللين من مختلف الجنسيات و361 من المهربين و69 قطعة سلاح و475 ذخيرة أسلحة، وكذلك تم ضبط 80 شريحة جوال و63 جهاز اتصال و4 سيارات صغيرة تم استخدامها في عمليات التهريب ونقل المتسللين. وأشار العتيبي، إلى أن أفراد حرس الحدود يقومون بعمل جبار لحماية حدود وطننا من المتسللين والمهربين، خصوصاً إذا أخذنا في الاعتبار وعورة تضاريس المنطقة بالجبال الشاهقة، مشيراً إلى أنهم يبذلون قصارى جهدهم في القبض على المتسللين تحت متابعة الجهات العليا للتصدي لهؤلاء المتسللين من ذوي الجنسيات المتعددة. ترحيل وعقوبات من ناحيته أوضح مدير عام جوازات نجران العميد عايد مفرح العنزي في تصريح إلى "الوطن"، أن إدارته قامت بترحيل أكثر من أربعة آلاف مخالف خلال العام الماضي غالبيتهم العظمى من الأفارقة الذين يتواجدون في جبال عسير ويتخذون من الجبال مأوى وسكنا لهم، مستغلين طبيعة وتضاريس المنطقة الجبلية الوعرة التي يصعب الوصول إليها أحيانا، مبينا أن دور الجوازات يكمن في متابعة وملاحقة المتسللين والمخالفين ومن ثم القبض عليهم وترحيلهم عبر إدارة الوافدين. وعن العقوبات النظامية على من يأويهم أو يتستر عليهم أكد العنزي أن العقوبات المالية لا تقل عن عشرة آلاف ريال وتتعدد الغرامة بحسب عدد العمال، إضافة إلى مصادرة المركبة في حال النقل، مشددا على أن هناك حملات أمنية مكثفة لمتابعة المخالفين والقبض عليهم وإعادتهم من حيث أتوا.