من أجمل المتع البشرية في زمننا الحاضر أن تقرأ وتتطلع على قصص المكافحين وحكايات الناجحين، تسبر أغوارها وتعيش لحظاتها الخلاقة وتقلباتها الماتعة وتستمتع بالنقلات الكبرى التي كانت في مسار حياتهم والمفاجأة التي اعترضت طريقهم والتحديات التي كادت أن تودي بأحلامهم وتعصف بمشاريعهم وكيف تجاوزوها وأكملوا المسير بكل ثقة وصبر ويقين. هم بشر مثلنا يشتركون معنا في كل شيء وليسوا مخلوقات فضائية طارئة، مثلنا تماماً في الجسد والعقل والروح والحواس الخمس ولكنهم يفضلون عن الأناس العاديين أصحاب الحياة الروتينية أنهم يحملون ثلاثية سحرية دفعتهم إلى قمم المجد والعزة والتمكين والسعادة، وهي وجود الحلم الملهم والإرادة الصلبة والرؤية المستقبلية الواضحة. هم بيننا يعيشون ومعنا يأكلون ويشربون، وأمامنا يتقدمون ويرتقون في سلالم الحياة الموصلة إلى أعالي السحاب حيث المنزلة الرفيعة بين النجوم، وشتان بين الثرى والثريا كما تقول العرب. وهنا يدور الحديث وتطرح التساؤلات بين الأقران والزملاء والأصدقاء والأقرباء كيف وأين ومتى وما هي الطريقة والمنهج والأسلوب؟ وما هي الخلطة السحرية التي أوصلت هؤلاء، ولم نحن هنا وفلان هناك؟ وهنا نكون قد استطعنا أن نكون قد أشعلنا فتيل المنافسة الداخلية مع النفس وبين الأفراد والجماعات حيث تتكون أحلى عدوى في الوجود وهي عدوى النجاح، وعندها فلن تتنازل عن مبتغاك وسوف تصبر على الأحجار الملقاة عليك في مسيرك والحفر المتناثرة في طريقك والتقلبات والضغوطات والمفاجأة التي تطرق بابك، والأطروحات والمعتقدات السلبية التي تجول في عقول غالبية البشر الذين تتحدث إليهم وتحتك بهم يومياً، فالعلاقة بينك وبينهم علاقة تأثر وتأثير. وهنا نقف معكم على حقيقة علمية هامة تؤكد عليها الكثير من الأبحاث والدراسات وهي أن الإنسان كائن تلهمه النماذج والصور والقصص وتلهب طموحه ورغبته بالنجاح والتقدم كما أنها تجيبه على الكثير من الأسئلة الدائرة في خلده وهنا نرى الأسلوب القرآني المستثمر للقصة في طرح المعتقدات والقيم والأفكار والإجابة على الأسئلة وتوجيه الناس عبر سلسلة كبرى من القصص ذات الأهداف الواضحة في تكوين عقلية المتلقي وإرشاده إلى خير دينه ودنياه وأخراه. كما أن النمذجة لها أثر كبير في حشد طاقتك الإيجابية وحفظ صبرك وصمودك أمام رياح الحياة العاتية وتحدياتها اليومية. وهذا يأخذنا إلى ما تصنعه الكثير من دور النشر وشركات الإنتاج التلفزيوني والإذاعي والسينمائي حينما تكرس الكثير من الوقت والجهد والمال في رصد تجارب النجاح والإبداع والتألق البشري في شتى المجالات وطرحها أمام الجمهور في قوالب متعددة حيث يعيش الجميع حالة من النشوة النفسية والانشراح الروحي والإعمال العقلي وهم يرون من بني جلدتهم من يكون أداؤه الحياتي وإنتاجه التراكمي بهذه الروعة والسمو والتألق. وهنا نطرح قضية مهمة وهي أن الإنسان الهمام الذي رزقه الله نفساً تواقة وروحا منطلقة وعقلا متوقدا لا يمكن أن يتفرج على هذه القصص دون أن يحدث نفسه بأن يكون يوماً هناك فوق منصات التتويج يتوشح الأوسمة ويظفر بالجوائز ويؤثر إيجابياً بكل من حوله ويرى نجاحه أضحى قصة يتحاكى بها الناس ويطربون لسماعها ويحثون أبناءهم وبناتهم على اقتفاء الأثر والسير في هذا الطريق حيث خير الدارين وسعادة المنزلتين. وصفة النجاح السحرية : - طموحك وأحلامك فقط لا يكفي ولكن عليك أن تخلط الأحلام بالإرادة القوية والرؤية الواضحة التي تصل إليها عبر التخطيط المتقن والمكتوب ثم تنطلق إلى التنفيذ. - استفد من جميع تجارب الناجحين وقصصهم وتوقف عند تفاصيلها ففيها ما لا يوجد في أمهات الكتب وابدأ من حيث انتهوا وكن مفيدا وملهما لكل من حولك ناصحاً لهم واجعل تجربتك وقفاً لله فزكاة العلم تعليمه. - النجاح الحقيقي مبدؤه نية صادقة وزاده الصبر وعقيدة عدم الاستسلام والتراجع. - راجع عالم القناعات لديك والمعتقدات ونظفه من كل الشوائب خصوصاً شبهة أن النجاح حظ يأتي بلا مقدمات أو فعل للأسباب. - كل مدارس النجاح تقول إن الكفاح هو وقود الوصول إلى القمة فتخلص من العلم الأبيض سريعاً فلن ترفع راية الاستسلام على الإطلاق. - قسم حياتك إلى مراحل ورتب الأولويات في كل مرحلة، وأدر وقتك بأهمية أكبر من إدارة مالك فالوقت يجلب المال ولكن المال لا يجلب الوقت. - ثق بربك ثم بنفسك وانطلق برحلتك لا تزعزعك النوائب ولا الكروب وعندما تفشل تعلم من الدرس وانهض من جديد فأنت في مباراة مفتوحة وخسارة معركة لا تعني خسارة الحرب. - فعّل المراجعات دائماً وتخلص من السلبيات وخفف من الأخطاء ما استطعت واحرص على الجودة العالية في الأداء والمخرجات والتعامل. - مهما بلغت من النجاح فلا تغتر ولكن احمد الله واسأله الثبات على الحق وكن صديق الضعفاء والمسحوقين فهناك تبرز الأخلاق وتصنع الدعوات التي تخترق السماء جالبة الخير لك. - أجعل العمل متعة وانطلق فيما تحب وتتقن وسوف تبدع ولا تخرج من جنة التوازن بقدميك فكن معتدلاً بين العمل والترفيه والعائلة وحقوق الخالق والرحم والمجتمع ووضعك الصحي والجسماني ففقدانك التوازن يعني فقدانك السعادة. محبرة الحكيم كل إنسان ناجح له قصة تستحق أن تروى فكم من التحفيز والطاقة الإيجابية والوقود الملهم تحت تلك الأحرف المشرقة ..