اطلعت على ما نشرته "الوطن" يوم السبت الموافق 17/1/1434 بالعدد 4446 تحت عنوان: تسجيل ("جبة والشويمس" في قائمة التراث العالمي)، وإني لأهنئ قطاع السياحة والآثار على هذا الاهتمام والدعم اللامحدود من قبل راعي نهضة هذه البلاد الغالية خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله-، فلقد خطا هذا القطاع الهام في عهده خطوات جبارة، والدليل على ذلك ما نسمعه بين حين وآخر من تسجيل لآثار هامة في وطننا في قائمة التراث العالمي ابتداء بالدرعية ومدائن صالح وليس انتهاء بآثار الشويمس وجبة المشهورتين بنقوشهما الضاربة في أعماق التاريخ. وما أحب أن أضيفه هنا أنه يوجد في شرق محافظة تثليث منطقة جبال تسمى بجبال القهرة، وهي عبارة عن سلسلة جبلية عظيمة تمتد من الشمال إلى الجنوب بطول يقدر بحوالي 120كلم وبعرض حوالي 80كلم وتبعد عن حوض وادي تثليث مسافة تتراوح بين 15 إلى 60 كلم شرق مدينة تثليث بإمارة منطقة عسير، وهذه الجبال على طول امتدادها المذكور لا تكاد تجد حجراً صالحاً للكتابة إلا وتجد عليه أثراً إما لكتابات ونقوش ووسوم قبلية أو صور لشتى أنواع الحيوانات من وحوش أو طيور أو زواحف أو صور رمزية لإنسان ذلك الزمن. وقد يظن القارئ الكريم أن تلك النقوش في جهة دون أخرى من تلك الجبال نظراً لاتساع المساحة، لكني أؤكد جازماً أنه لا يوجد جبل من تلك السلسلة إلا وقد رسم عليه أو نحت عليه من تلك الكتابات التي أغلبها بالقلم الثمودي وخط البادية أو ما يسمونه بالمسند الجنوبي، وهو القلم الرسمي المستخدم في كتابة إنسان القهرة الأول. وتنتمي لغة المسند العربي اصطلاحاً إلى عائلة اللغات السامية وتربطها بالفصحى روابط قوية. وأغلب نقوش القهرة قصيرة، وأبرز موضوعاتها تتمثل في النقوش التذكارية، نقوش التملك، النقوش الدينية، النقوش الحربية، نقوش المودة والحب، كما يذكرها مسفر الخثعي في موسوعته عن آثار منطقة عسير، أما الرسوم فتتمثل في الآتي: الرسوم الآدمية: وتضم الأشكال الآدمية التخطيطية التجريدية، الرسوم الآدمية في وضع الرقص، الرسوم الآدمية في وضع الحرب، الأشكال الدينية، مناظر ممارسة الشعائر الدينية، معبودات المنطقة، رسوم آدمية بالأزياء. الرسوم الحيوانية: وتضم رسوماً للأبقار والجواميس والإبل، والوعول والغزلان والماعز والخراف، والخيول والحمير.. إلخ. الوسوم: وتضم رسوما تجريدية "تدمغ" بها رقاب الإبل لتميز ما تملكه كل قبيلة من تلك القطعان. الأسلحة: وكانت تستخدم في حالة الحرب أو الصيد، وقد ضمت نقوش القهرة عدداً من أنواع الأسلحة مثل الأقواس والسهام، والرماح، والدروع، والمدي والهراوات، والخناجر والسيوف، والأسلحة الخشبية، وغيرها. إن منطقة كهذه غنية بكثرة النقوش لجديرة بالاهتمام من قبل هيئة السياحة والآثار، فحري بمسؤولي الهيئة تشكيل فريق بحثي يغطي ويستكشف نقوش هذه الجبال ويدونها ويترجمها لينكشف لنا تاريخ وصفحة جديدة من صفحات تراث بلادنا. كما أن على الهيئة بالتعاون مع كلية السياحة والآثار بجامعة الملك سعود أن توجه طلاب الدراسات العليا في قسم الآثار إلى دراسة نقوش القهرة التي أجزم أنها بكر من ناحية الدراسات، عدا بعض الكتابات العاجلة والمقتضبة في كتب الرحالة الأجانب أمثال فيلبي وفيليب ليبنز أو ما نشرته حولية الأطلال عن نقوش جنوب غرب الجزيرة العربية بما فيها تثليث ونجران، أو ما وجد عند الدكتور مسفر الخثعمي في موسوعة الآثار والتراث والمعالم السياحية في منطقة عسير. فهل يا ترى سيتحقق الحلم ونرى نقوش القهرة في قائمة التراث العالمي بما فيها نقوش نعام، ووادي سيل، والخانق، والشهمة، ووادي خيور، ووادي رهنة، ووادي يهرة، وجبال السوادة، والعين، والكليبين، وقمشان، والعشة وغيرها؟.. أتمنى ذلك. مسعود فهد المسردي كاتب وباحث