باب رزقها الوحيد هو تربية الماشية، لا تعرف مصدر قوت ليومها غير هذه المهنة، وأمضت نحو 30 عاما تربي الماعز ثم تبيعها، من أجل توفير مصاريف الحياة، بمساعدة زوجها المسن. إنها أم أحمد.. سيدة مصرية في السبعين من عمرها، التقتها "الوطن" قرب مخيم الحجاج المصريين، وتقول إنها ظلّت تحلم بالحج والعزم على السفر نحو تحقيق رحلة العمر، منذ أن "صحت" على هذه الدنيا، وتضيف "أمني نفسي كل عام بأن أكون في جنبات المشاعر المقدسة، ولا زمني الانتظار طيلة سني حياتي، حتى أتى الفرج، بفعل الإصرار على تيسير كل أمر مادي من أجل الحج". ولم تفقد أم أحمد الأمل يوما في أنها ستحقق حلم الحج، رغم تقدمها في العمر كثيرا، وتقول "كنت أعلم أن الله سبحانه وتعالى سيحقق أمنيتي، وأتمكن من أداء الفريضة، وأن المادة لن تقف في وجهي فسيأتي يوم وأذهب إلى مكةالمكرمة ثم أزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم". رحلت العمر كلفت السبعينية أم أحمد ما يقارب 15 ألف ريال، وسألناها كيف وفرت هذا المال رغم كل هذه السنين؟ لتجيب: "بالكاد أوفر قوت يومي من بيع مشتقات الماشية على المارة، ولكن عندما تقدم بي العمر، اخترت الحج، حتى وإن لم أجد بعد عودتي ما يطعمني، فقررت بيع ماشيتي التي ظللت أربيها منذ نحو 30 عاما، بعتها جميعا للتجار من أجل ان أؤدي مناسك الحج، والحمد لله تم ذلك". وعما ستفعله بعد أن تعود إلى ديارها، كون مصدر رزقها كان تلك الماشية التي باعتها، أوضحت أنه ليس مهما لديها الآن التفكير في المستقبل، وأن الله سبحانه وتعالى سيعوضها، لأنها أدت الحج. وبعد أن انتهت من الوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة، لم تتمكن أم أحمد من رمي الجمرات بسبب التعب وكبر السن وثقل الحركة، فتولى المهمة ابنها، وبهذا تكتب أم أحمد تقاعدا لها من عملها بعد الحج، وتقول "ليس المهم كسب الدنيا ولكن الأهم هو مكسب الآخرة وأداء فريضة الحج. والحمد لله أنني تمكنت من ذلك، وكافة الأمور التي واجهتها كانت ميسرة ومهيأة بشكل جيد".