أولت المملكة جل اهتمامها ورعايتها للمسلمين وقضاياهم العادلة؛ انطلاقا من دورها الريادي باعتبارها دولة الإسلام، وتحتضن المقدسات الإسلامية، التي تهفو إليها أفئدة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها. وعملت المملكة منذ وحدها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن رحمه الله على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم على لم شمل الأمتين العربية والإسلامية، ومد العون والمساعدة للمسلمين في كل مكان، وسعت إلى تأكيد الرسالة العالمية التي تحملها المملكة قبلة المسلمين. لم شمل الأمة الإسلامية وجسدت المملكة تطلعات الشعوب الإسلامية بريادة لم شمل الأمة نحو التضامن والوحدة، وجمع كلمة المسلمين، ووضعت المملكة إستراتيجية العون الإقليمي والدولي في مقدمة أدوارها الإنسانية تجاه المجتمعات قاطبة، والمجتمع الإسلامي على وجه الخصوص، وسخرت المملكة قدراتها الاقتصادية وثقلها الحضاري والثقافي لخدمة الإسلام والمسلمين على كافة المستويات وفي شتى المجالات. ووقفت المملكة مع الشعوب العربية والإسلامية في كل الأزمات، تضمد الجراح، وتوفر الغذاء والكساء والمأوى للمتضررين في مواقعهم داخل بلدانهم، بل وتنقل المصابين الذين تتطلب حالاتهم عناية خاصة أو علاجاً سريعاً إلى مستشفياتها؛ لتوفير العلاج لهم إلى أن يمن الله عليهم بالشفاء. اهتمام بالقضايا الإسلامية وعلى صعيد القضايا العربية والإسلامية، اهتمت المملكة بقضايا المسلمين في جميع أصقاع المعمورة، وأولتها كل رعاية واهتمام، سواء على المستوى السياسي أو المالي أوالمعنوي. ففي مجال العمل الإسلامي، تبذل حكومة المملكة جهودا كبيرة في سبيل خدمة الإسلام، ونشر تعاليمه، وتعميق الثقافة الإسلامية، وبيان العقيدة الصحيحة، وتثبيتها في نفوس المسلمين، وذلك انطلاقا من إيمانها برسالتها السامية، وإنفاذا لسياستها الثابتة القائمة على خدمة الإسلام والمسلمين، والعناية بهم وبقضاياهم، وتضع نصب أعينها حمل رسالة الإسلام، ورفع لوائه عاليا، والأخذ بشرائعه وتعاليمه في جميع جوانب الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وحول دعم قضايا المسلمين، عملت المملكة على تأكيدها سياسة التضامن الإسلامي، الذي أعلنته نهجا لها، فمن جهود المملكة لتحقيق ذلك: عقد اللقاءات الموسمية بين الشعوب المسلمة، وقادة العمل الإسلامي، وعقد المؤتمرات التي دعت من خلالها إلى ضرورة التزام المسلمين بكتاب الله وسنة رسوله، وتوحيد الصف الإسلامي؛ امتثالا لقوله تعالى: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان". وفي مجال لم شمل الأمة، تعد المملكة رائدة في تجسيد تطلعات الشعوب الإسلامية نحو التضامن والوحدة وجمع كلمة المسلمين، فقد حرص المؤسس الملك عبدالعزيز رحمه الله وأبناؤه من بعده، على العمل من أجل جمع كلمة المسلمين وتوحيد صفوفهم، وقضايا الأمة العربية والإسلامية هي الشغل الشاغل لحكومة المملكة على مر تاريخها، ودعم التضامن العربي والإسلامي وتحقيق وحدة الكلمة للإخوة الأشقاء تمثل الأولوية الأولى. عهد "التضامن" ويعتبر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، تحولاً كبيرا في مفهوم التضامن الإسلامي، من خلال رؤية وواقع ملموس لتعزيزه وترسيخه، فقد شهدت دعوة الملك عبدالله بن عبدالعزيز الأولى بعد توليه مقاليد الحكم في المملكة في شهر ذي القعدة من عام 1426 لاجتماع الكلمة الإسلامية ووحدتها، من خلال انعقاد مؤتمر القمة الإسلامية الثالث الطارئ في مكةالمكرمة والخروج بقرارات اقتصادية تعود بالنفع والفائدة على الدول الأعضاء. فقد دعا حفظه الله إلى سرعة مباشرة المؤسسة الإسلامية الدولية لتمويل التجارة لأعمالها، وزيادة رأس مال البنك الإسلامي للتنمية؛ ليتمكن من تلبية احتياجات الدول الأعضاء. وتكررت الدعوة من قبل خادم الحرمين الشريفين، متزامنة مع شهر رمضان المبارك والعشر الأواخر منه، لعل الله أن يجمع شمل الأمة العربية والإسلامية، ويوحد كلمتهم لما فيه خيرها. دعم مادي ومعنوي ولم تكتف حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، على المشاركة بالحضور في المنظمات الإسلامية، التي تعمل ضمن منظمة المؤتمر الإسلامي، بل دأبت في حرص شديد على تقديم الدعم المادي والمعنوي للدول الإسلامية الشقيقة، من خلال القنوات المتاحة لذلك، حيث قدمت المملكة مساعدات وقروضا ميسرة للدول العربية والإسلامية؛ لإعانتها على تجاوز الظروف التي حلت بها، حيث بلغ إجمالي المساعدات والقروض التي قدمتها المملكة للدول النامية عبر القنوات الثنائية، ومن خلال المؤسسات متعددة الأطراف خلال الفترة من 1991 إلى نهاية عام 2008 نحو 120.6 مليار ريال. ودعمت صندوق مكافحة الفقر في العالم الإسلامي بمبلغ مليار دولار، إضافة إلى مساهمتها في رؤوس أموال 18 مؤسسة وهيئة مالية دولية، وتجاوز ما قدمته المملكة من مساعدات غير مستردة وقروض ميسرة خلال العقود الثلاثة المنصرمة 100 مليار دولار استفاد منها 95 دولة نامية، ويمثل هذا المبلغ 4 في المئة من إجمالي الناتج الوطني للمملكة، وهى نسبة أعلى بكثير من النسبة المستهدفة من الأممالمتحدة. تخفيف آثار الكوارث وتصدرت المملكة الدول المانحة، حيث أحرزت المرتبة الأولى في دعم قضايا الشعوب الإنسانية، والساعية لتخفيف أثار الأزمات والكوارث، وذلك بفضل مبادرتها الإنسانية، والتزامها الأخلاقي تجاه الشعوب المنكوبة، واستحقت بجدارة وتفوق أن تنال لقب "مملكة الإنسانية"، باتساع دائرة مساعداتها لتشمل الصعيد الوطني والعربي والإسلامي والعالمي، حيث قدمت لبرنامج الغذاء العالمي 1,541,500,000 ريال، ولدعم برنامج الخليج العربي لدعم منظمات الأممالمتحدة 787 مليون ريال. وأسهمت المملكة أيضا على المستوى الدولي بدعم برامج المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة، حيث أسهمت في دعم جهود وكالة غوث للاجئين الفلسطينيين بملغ 4,500,000 ريال سنويا بجانب مساهمتها المتعددة في دعم عدد من المنظمات الدولية، إضافة إلى مبادرات خادم الحرمين الشريفين بإقامة حملة شعبية لمؤازرة الشعوب المنكوبة، وقد تبرعت لسد ثغرة التمويل في ميزانية برنامج الأغذية العالمي بمبلغ 500 مليون دولار. وفي المجال السياسي، لم تألُ المملكة جهداً، حيث أكدت في موقفها الداعي إلى التحرك السريع وبذل المزيد من الجهود نحو الوقف الفوري لنزيف الدم، وأعمال العنف في الجمهورية العربية السورية، وفق خطة الجامعة العربية وقراراتها، التي حظيت بدعم دولي واسع، وعلى أهمية إيجاد السبل الكفيلة لتسهيل تقديم وإيصال المساعدات الإغاثية والإنسانية لمستحقيها النازحين من أبناء الشعب السوري. إن تاريخ المملكة يحفل بمد يد العون للمسلمين؛ تحقيقا لفكرة التضامن الإسلامي، التي ترجمتها المملكة على خير وجه، فحكومة المملكة تولي رعاية وعناية كبيرة بالأقليات الإسلامية، ونصرة المسلمين في أي بقعة من بقاع العالم، وتبني قضاياهم ومساعدتهم ومد يد العون لهم، وقد أظهرت التقارير الدولية أن المملكة قد تصدرت جميع بلدان العالم في حجم المساعدات المالية التي تقدمها باستمرار إلى الدول العربية، وإلى دول العالم الإسلامي، والأقليات المسلمة في دول العالم كافة، وتقوم علاقتها بالأقليات على أسس ثابتة، فكان من نتيجتها نشر العقيدة الصحيحة والعلم الشرعي بينهم.