لم تتوقع أم فاطمة أن فلذة كبدها قد تصاب بإعاقة دائمة نتيجة لإصابتها بمرض لم تصدقه في البداية، ومع مرور الأيام وتشخيص الأطباء تحولت التوقعات إلى واقع معاش بدأت تفاصيله بدخول أم فاطمة المستشفى وهي في حالة مخاض لتكتشف أن الجنين بوضع مقعدي، ويجب إجراء عملية قيصرية لتوليده. وبعد أن تمت العملية وخرجت من غرفة العناية المركزة أتى طبيب الأطفال إليها وقال إن ابنتها لديها خلع وركي، وهو مرض أصاب مفصلها الوركي نتيجة الوضعية المقعدية، وأنه يجب عليها أن تتابع حالتها مع طبيب عظام متخصص في حالات مثل حالة طفلتها لرد المفصل إلى وضعه الطبيعي. وتقول أم فاطمة ل"الوطن": "بعد خروج الدكتور بدأت أشعر بنوع من الخوف، كيف ستكون ابنتي؟، وما هو الشكل الذي ستكون عليه رجلاها؟، وبعدما أتوا بطفلتي لم أر أي تشوه في أي من رجليها، وبدأت أشك في كلام الدكتور، وتحسنت حالتي النفسية ونتيجة لعدم إلمامي بهذا المرض أهملت علاجها لظني أنه ليس إلا مبالغة من الدكتور. ولكن بعد سنة صار ما ليس في الحسبان عندما بدأت ابنتي بالمشي، وحينها بدأ يظهر عرج واضح في إحدى رجليها، حينها أيقنت أنها تحتاج لعلاج". وتتابع: "أخذناها أنا وزوجي، إلى دكتور عظام ليكشف عليها، ولم نتوقع ما قاله: إنها تحتاج إلى عملية سريعة لتعديل وضع المفصل". وأوضح اختصاصي جراحة العظام في "مجمع أجياد" بالدمام دكتور محمد الصياد، أن "الخلع الوركي هو عدم توافق ما بين رأس عظمة الفخذ، وبين التجويف في جدار الحوض، ويتم في الأشهر الأولى كشفه إما عن طريق الفحص السريري، أو الأشعة الصوتية، والعلاج المبكر أفضل وأسهل طريقة للحصول على نتائج جيدة"، مشيراً إلى أن "75% من الحالات تكتشف في الأسابيع الثلاثة الأولى، ويمكن أن ترد بشكل طبيعي دون اللجوء إلى الجراحة وعادة ما تكون نسبته عند البنات أكبر". وعن طرق العلاج، أجاب الصياد: "طريقة العلاج تختلف حسب العمر الذي تم فيه التشخيص. نسبة كبيرة من الحالات يكون فيها الورك في وضع عدم الاستقرار عند الولادة، وليس خلعاً كاملاً ، وهذا النوع لا يحتاج لعلاج معين سوى المتابعة الطبية، إضافة إلى توجيه الأم بعدم تمهيد الطفل - كما هو شائع بين النساء في السعودية- ووضع حفاظتين للطفل بدلاً من الواحدة مما يبعد الفخذين بعضهما عن بعض، ويعود الورك ليستقر بصورته الطبيعية، ويعود رأس عظمة الفخذ مرة أخرى في التجويف الحقي، ويتسنى للأربطة والعضلات المحيطة بالمفصل أن تقوى لكي تحافظ على وضعية المفصل الطبيعي". وأضاف: "كما يتم فحص الطفل من عمر أسبوع إلى شهر للتأكد من أن الأمور تسير على ما يرام. وقد يوجه الطبيب في هذه المرحلة وحتى ستة أشهر من العمر، بوضع جهاز هو عبارة عن أربطة - جبيرة - لفتح الفخذين بشكل أكبر، ووضعه بوضعية تسمى بوضع الضفدعة يُلبّس الطفل عادة الجهاز لمدة تتراوح بين شهرين إلى أربعة أشهر، وبعد ذلك يلبس الجهاز في أوقات النوم في الليل لمدة ثلاثة أشهر تقريباً. وإذا استمر الخلع ربما ينصح بوضع الجبس يسمى "بنطلونا جبسيا" ليضمن أن الفخذين مفتوحتان بشكل ثابت وأن رأس الفخذ داخل التجويف الحقي". وأشار إلى أنه "في الأمور الطبيعية تكون الإجراءات السابقة كافية في حوالي 90% من الحالات، ولكن هناك حالات خاصة يستمر فيها الخلع، وهنا يدرك الطبيب أن هناك شيئاً مانعاً لرد الخلع، إما لوجود الأنسجة الخارجية المحيطة للحوض بداخل التجويف، وإما أن تكون عظمة الفخذ غير متجانسة مع التجويف الموجود في جدار الحوض". وتابع الصياد: أما في الحالات التي لم ينجح علاجها بالطرق السابقة، فيتم إجراء عملية جراحية لتثبيت المفصل بشكل أقوى، داعياً الأمهات أن يأخذن أطفالهن إلى طبيب متخصص عند ملاحظتهن أي شيء على الطفل، مثل بروز عظمتي الفخذ أو عند ما يكون هناك عرج واضح وقد يؤثر المرض على المصاب مستقبلاً إذا أهمل. وذكرت دكتورة النساء والولادة في مستشفى الولادة والأطفال بالدمام سلمى العلاوي أن "الاعتقاد بأن الطفل يصاب بالخلع نتيجة لطريقة التوليد القاسية هو اعتقاد خاطئ، إنما السبب هو أن الجنين يكون بوضع مقعدي يمكن أن يؤدي للإصابة به. وتم تخفيف نسبة الإصابة إلى نسبة تكاد تكون غير ملموسة، من خلال إجراء ولادة قيصرية بدلاً من الولادة الطبيعية عند اكتشاف حالة جنين مقعدي وذلك تفادياً لأي مضاعفات". وأوضحت أن "اكتشاف الخلع يتم عن طرق فحص الطفل بعد الولادة، إما بنفس اليوم أو باليوم التالي للولادة، وذلك عن طريق دكتور أطفال لفحص الطفل سريرياً، ويتم اكتشاف 80% من الحالات عن طريق هذا الفحص الأولي، وعند اكتشاف حالة خلع يتم تحويل المريض مباشرة إلى طبيب عظام متخصص لتقييم الحالة وعمل كل ما يستدعي عمله". وتفيد الدكتورة سلمى أنه "يوجد في نظام المستشفى جانب توعوي، وهو عن طريق إرسال طبيب أطفال إلى الأهل ليقدم تقريرا عن حالة الطفل والإجراءات المتبعة في مثل هذه الظروف الصحية، ويتم نصحهم بكيفية التعامل معه والحرص على علاجه بأسرع وقت لتجنب المضاعفات غير المرغوب فيها مستقبلاً". ويفيد دكتور العلاج الطبيعي في "مركز التميز" بالدمام أيمن مصطفى، أنه "بعد أن يتم علاج المريض من الخلع الوركي، ورد المفصل إلى المكان الصحيح، من المهم التوجه به إلى مركز متخصص بالعلاج الطبيعي، ويتم علاج الطفل على أيدي متخصصين في هذا المجال، وهذا من النقاط الضرورية لإتمام نجاح العلاج الكامل للحالة، فعند تعرض الطفل لوضعية معينة سواء أكانت عن طريق الجبس أو بسبب عملية جراحية، عندئذ تضعف العضلات والأنسجة المحيطة بالمفصل لسكونه لفترة طويلة في وضع واحد ويقل المدى الحركي للمفصل، وهناك حالات يتلاشى فيها المدى الحركي، فيصبح تحريك المفصل باتجاهات متعددة بشكل طبيعي صعبا لعدم مرونة العضلات، ولذلك نلاحظ ثقلا في الحركة مع وجود ألم"، منوهاً إلى ضرورة دور العلاج الطبيعي بواسطة أجهزة تقوم بتحفيز العضلات وعدة تمارين على أيدي مختصين.