يوقع مساء اليوم ثلاثة مسرحيون (ملحة عبدالله، فهد الحارثي، وعبدالعزيز الصقعبي) إصداراتهم الحديثة في المسرح ضمن ملتقى النص المسرحي الذي يختتم فعالياته اليوم. بينما يلقي فهد الحوشاني ومشعل الرشيد ويحيى العلكمي أوراقهم في جلسة (نص مسرح الطفل.. الواقع والمأمول) التي يديرها مساعد الزهراني، ويعقب عليها عبدالعزيز عسيري، وتختتم الجلسات في التاسعة بجلسة تحمل عنوان (إشكاليات النص المسرحي في السعودية) يشارك فيها كل من: محمد العباس وحليمة مظفر ومحمد السحيمي، ويديرها رجا العتيبي وتعقب عليها سماهر الضامن. وانطلقت جلسات ملتقى النص المسرحي أمس بجلسة "النص المسرحي السعودي استلهامات فكرية" شارك فيها ثلاثة من أبرز كتاب المسرح السعودي في السنوات الأخيرة، وهم محمد العثيم وعبدالعزيز السماعيل وسامي الجمعان. فبحس نقدي عال، وفكر رؤيوي متعمق تطرق العثيم في ورقته المعنونة ب"نص عربي من طقس إنساني" إلى تقرير وجوب مراجعة مفهوم النص المسرحي ومناقشة أخطائه بعيدا عن المعطى الثقافي العام، معللا ذلك بقوله: "بدأنا أغرابا في المسرح وانتهينا أغرابا"، طارحا فكرة أن الجمهور استحق الريادة برفضه الخطأ في مسرح الثقافة واتجاهه نحو البديل، واعتبر العثيم أن صعوبة احتواء جو مسرحي كامل هي السبب في اقتصار المسرحيين على تلمس الاجتهادات في الوقت الذي انصرفت فيه العناصر المسرحية الجيدة نحو الترفيه بوصفه خيارا جماهيريا مربحا. العثيم تناول جوانب فنية مختلفة داخل تجربته الكتابية، منها المفردة المسرحية والموروث المنطوق والأغنية بوصفها حالة مقتطعة من انفعال مسرحي. فيما حملت ورقة السماعيل عنوان "استلهام التراث الشعبي في المسرح" تحدث فيها عن علاقته كإنسان بمشاهد التراث الذي أصبح مكونا ثقافيا تشكل في وعيه ووجدانه وذاكرته قبل أن يحضر في نصه المسرحي، وبعد استعراضه لملامح من نشأته في بيئة شعبية فلاحية وممارسته لمهن البيع والشراء والعناية بالنخل أشار إلى عدد من الأعمال التي اكتشف فيها حضور قيمة التراث. وأكد السماعيل أن المعاصرة لا تعني القطيعة مع الماضي، مطالبا بالبحث عن تعريف محدد للتراث الذي لا يمثل مشكلة في معناه بقدر ما يحتاج إلى مفهوم يدرك الأبعاد الحقيقية للتعامل معه ضمن رؤية عصرية تتكئ على المعرفة والوضوح وتدرك المعطيات التراثية بشتى أشكالها، وهذا أمر يمكن تطبيقه على المسرح وغيره بحسب السماعيل ليخلص إلى أن المبدع يلجأ إلى التراث ليس حنينا إلى الماضي بل لتوظيفه رمزيا وإيحائيا بهدف خدمة المستقبل". وفي الورقة الثالثة بعنوان "الوعي بتوظيف الحكاية في المسرح السعودي" قدم الجمعان ملامح من تجربته الخاصة التي تجسدت على الخشبة وبشكل جعله يستشعر أن النص المسرحي يتطلب إعدادا كبيرا على مستوى الثقافة والوعي والإدراك، لتبدأ مرحلة البحث الجاد وترتيب الأوراق، وهي المرحلة التي عززها تخصصه الدراسي الدقيق في النص الأدبي، وفي هذه المرحلة بالذات يقول الجمعان: إنه اكتشف المفاجأة التي لم تكن سوى "الحكاية" ودهشة "القص" كما يصفها، والمبنية على مرجعيات عديدة في الثقافة العربية كألف ليلة وليلة، وكليلة ودمنة، والبخلاء، فضلا عن حكايات والدته، وتقاطعت خديجة ناجع مع الأوراق الثلاث. وفي المداخلات تحدث محمد العباس عن الثيمات التي استخدمها الجمعان رابطا إياها بمفاهيم فلسفية لعدة نقاد طرحوا فكرة موت الحكاية، في حين رأت منيرة المشخص أن المسرح السعودي لم يستفد من التراث العربي أو العالمي، وأن الأعمال المحلية بقيت تقدم مركب النقص والتسطيح للمشاهدين، وهو ما يمكن لمسه في نماذج الكوميديا التلفزيونية حسب قولها. الوزارة ستدعم البرامج الجادة وكان وكيل الوزارة للشؤون الثقافية المكلف الدكتور عبدالله الجاسر قد أكد في كلمة افتتاح الملتقى الذي شهد تكريم المسرحية ملحة العبدالله أول من أمس أن الوزارة لن تفرض أي رأي على اللوائح التنظيمية لجمعية المسرحيين أو غيرها من الجمعيات، مشيرا إلى أنها تمثل مؤسسات مجتمع مدني، وأن كل المهتمين بها مطالبون بالانضمام إليها لتكوين جمعيات عمومية قوية تستطيع اختيار مجلس إدارة قوي ومتمكن وقادر على أن يدير دفة المسرح السعودي. داعيا إلى الاعتماد على المسرحين الجامعي والأهلي في دعم المسرح بشكل عام، مطالبا الجمعية بالتواصل والتكامل معهما، وأضاف: "هذه هي الركائز التي يمكنها أن تقدم أجيالا جديدة تتوجه إلى المسرح السعودي بمفهومه العام"، وأكد الجاسر أن النقد لا يتوقف عند التحدث عن القصور، ولكنه كذلك محاولة تطوير الذات والبناء، مشيرا إلى أن جمعية المسرحيين مازالت تحتاج إلى التكاتف بين أبناء هذا المجال والمهتمين به، مؤكدا وجود الرغبة الكبيرة لدى عدد كبير من الذين يريدون النهوض بالمسرح والذين يجب أن يتوجهوا إلى الجمعية والمشاركة في برامجها، وقال: إن الوزارة ستدعم البرامج الجادة كما ستتقبل النقد والمرئيات المتطلعة لدعم الحركة المسرحية. في جانب آخر، أكد الجاسر أن المراكز الثقافية التي تعتزم الوزارة إنشاءها لدمج الأندية والجمعيات ستجمع كل أطياف العمل الثقافي؛ والمسرح جزء أساسي من ذلك، وسيكون لها دور كبير في خدمة الإبداع في المملكة، معلقا: "بدأنا بالمركز الثقافي في المدينةالمنورة ونتطلع قريبا إلى اكتمال هذه المراكز في مختلف المناطق". الجاسر أكد على أهمية دور القطاع الخاص في دعم المسرح السعودي، مطالبا رجال الأعمال والشركات والمؤسسات بالتكامل مع الجمعيات الثقافية ودعم أنشطتها كجزء من المسؤولية تجاه الثقافة والمجتمع، واقترح أن يقوم القطاع الخاص برعاية وتبني إقامة العروض وتشجيع المواهب الواعدة في المسرح وغيره، وفيما يتعلق بأهمية التأهيل الأكاديمي المتصل بالمسرح علق الجاسر، أن الفائدة الحقيقية يمكن اكتسابها من خلال المعاهد التطبيقية، معتبرا أن المرحلة الدراسية يمكنها أن تكتشف المسرحي الموهوب وتقدمه، بينما يتعين على المسرح الجامعي أن يسهم في تقديمه بشكل أكبر، كما أن الممارسة والتجربة تلعب دورا كبيرا في تطوير القدرات المسرحية. إلى ذلك أعلنت وكالة الشؤون الثقافية عن مسابقة التأليف المسرحي لهذا العام 2010، والتي تأتي ضمن برامجها وأنشطتها الثقافية والفنية ودعما للمسرح السعودي وهي مسابقة للصغار والكبار، ومن شروط المسابقة التي حددتها أن لا يقل عمر المشارك عن عشرين عاما، وأن يكون نصه مكتوبا باللغة العربية الفصحى، وأن يقدم كل مشارك نصا واحدا متستمدا مادته الفنية المسرحية من المواضيع الإسلامية والتاريخية والاجتماعية وذات هدف فكري وأن يكون العمل حديثا لم يسبق تقديمه أو إنتاجه بأي شكل من الأشكال الفنية، وستكون المشاركة متاحة للجنسين من أبناء المملكة. وحددت الوزارة نهاية شعبان آخر موعد لتقديم المشاركات.