مما لا شك فيه أن ما يخطر في بال أي منا هو أننا يمكننا أن نجد في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة إشارات قد تُفهم كاستباق لظهور التكنولوجيا والتطور الحضاري الذي نعيشه اليوم. هذه النصوص ليست شرحا مباشرا للتكنولوجيا، لكنها قد تحمل إشارات تُفهم في هذا السياق. تسخير الحديد قال الله تعالى: «وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ». الحديد عنصر أساسي في معظم التكنولوجيا والصناعات الحديثة. ولتقريب الفهم، تعالوا ننظر في عنصر اليورانيوم. إنه محدود الاستخدام في الغالب كأسلحة دمار شامل مؤذية للبشرية كلها. أما الذهب، مثلا، فهو غالي الأثمان، ويستخدم في العملة النقدية أو الزينة فقط. بينما الحديد عامل مشترك في كل شيء تقريبا في الحياة والصناعة، يدخل بشكل جزئي في بعضها وبشكل كامل في البعض الآخر. على أرض الواقع، الحديد أجدى من الذهب. ولندقق في الآية «منافع للناس»، أي لكل الناس، مؤمنهم وكافرهم، وهذا هو الواقع الآن. كذلك مفردة «منافع» هنا تركت دون تعقيب أو تفصيل لعموم المنفعة بعكس الخمر والميسر، لغلبة مضرتهما، كما قال تعالى: «يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ۖ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا ۗ وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ». التحدث مع الجمادات قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى تُكَلِّم السباعُ الإنسَ، ويُكَلِّم الرجلَ عَذَبةُ سوطِه وشِراكُ نعلِه، ويُخبره فخذُه بما أحدث أهله بعده». (رواه الترمذي). هذا الحديث يُلمح إلى ظهور أجهزة تكنولوجية مثل الهواتف الذكية وأجهزة الاستشعار التي تُخبر الإنسان بما يدور حوله. شيوع القلم وظهوره في آخر الزمان ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إن بين يدي الساعة ظهور القلم». (رواه الإمام أحمد في مسنده). وهذا شائع الآن بالمعنى الحرفي. كما أنه رمز لظهور العلم وانتشاره في هذا العصر، ولا سيما العلم الدنيوي. كما أنه ربما يرمز إلى برامج التواصل وتقنيات الكتابة، فلكل منا منصته الخاصة يتواصل من خلالها مع العالم، ويبعث بالخاطرة والفكرة والمعلومة والخبر. القدرة على استكشاف الفضاء قال الله تعالى: «يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا ۚ لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَان». الاستثناء هنا «إِلَّا بِسُلْطَانٍ»، ولعله سلطان العلم. هذه الآية قد تُلمح إلى إمكانية غزو الإنسان الفضاء واستكشافه باستخدام العلم والتكنولوجيا.