سبق وإن كتبت عن المشيخة مقالاً بعنوان ( المشيخة لا تعطى لمن يطلبها) ووضحت آنذاك - حسب رأيي الشخصي - الألية التي يجب أن تُتبع في تعيين المشائخ ... والا تكون الا لمشائخ القبائل المعروفين من قبل توحيد هذا الكيان على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل يرحمه الله وساندوا الملك عبدالعزيز في توحيد هذه الدولة الفتية ومن عينهم. كلنا يعرف أن منصب شيخ القبيلة ومعرفيها الذين يتبعون له تنظيمياً أصبح تشريفيا اكثر منه وظيفياً، بفضل الأنظمة والتشريعات الحكومية، مع أنني أرى إن كثرة معرفي القبيلة قد يكون له مردود سلبي وتعصب بين افخاذ القبيلة نفسها لكثرة المنازعات حول هذا المنصب. وفي زمننا الحاضر باستطاعة أي فرد من أي قبيلة أن يراجع معاملاته وينجزها وهو في بيته دون الحاجة لأحد، ولكن شيخ القبيلة يظل مهماً ويؤدي دوراً اجتماعيا ونقطة ارتكاز بين أفراد القبيلة والمجتمع. فأكثر القضايا والخصومات يحلها مشائخ القبائل ودياً ويطفئون فتيلها قبل أن تصل إلى أقسام الشرط أو المحاكم. إضافة إلى تقديم النصح والإرشاد لأفراد قبائلهم صغيرهم وكبيرهم وتشجيعهم على العلم والتعلم، وتكريم المتميزين منهم، وترسيخ مبادئ اللحمة الوطنية بين أبناء المجتمع. لذلك يجب ان يكون لشيوخ القبائل والمعرفين دور في المجتمع مع الأجهزة الأمنية بالدولة في الإصلاحات في مجتمعهم، سواء كانت إصلاحات سلوكية أو فكرية أو أخلاقية خاصة في هذا الزمن الذي اختلط فيه الحابل بالنابل والغث بالثمين لأنهم هم القدوة لقبائلهم. والقبيلة مؤسسة اجتماعية ، لذا كانت ولا زالت تقوم بدورها المنوط بها تجاه المجتمع الذي تنتمي إليه، وسبق أن تكلمت عن القبيلة وقد تكلم غيري عنها وهي النواة التي تشكلت منها المجتمعات في أنحاء المعمورة، وتشكلت منها المجتمعات العربية جميعها بلا استثناء. كما أن لأبناء القبائل أخلاقيات عالية في الفضيلة والنبل، والشجاعة والكرم والمروءة، وأبناء القبائل أسهموا في توحيد هذه البلاد تحت راية قائدهم المغفور له بإذن الله تعالى الملك الأمام عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، وللقبيلة مواقف معروفة يشهد بها القاصي قبل الداني، وكل قبائل المملكة العربية السعودية يسودها التكاتف والتعاون ، إذا ابتعدت عن التعصب القبلي الممقوت الذي نهى عنه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عندما قال (دعوها إنها منتنة). وفي الآونة الأخيرة ومع وجود قنوات التواصل المختلفة منصة x والفيس بوك والواتساب وغيرها والقنوات الفضائية الشعبية التي من سلبياتها التعصب القبلي بدأت تكثر المشاحنات . عن عبدالرحمن بن سمرة رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تسأل الإمارة، فإنك إن أوتيتها عن مسألة وكلت إليها، وإن أوتيتها من غير مسألة أعنت عليها، وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها، فكفِّر عن يمينك وأت الذي هو خير". فهذا الحديث نصٌّ في منع طلب الإمارة بقوله عليه الصلاة والسلام لعبد الرحمن بن سمرة: "لا تسأل الإمارة" وهو خطاب للجميع، إذ لا دليل على الخصوص. وبسبب طلب المشيخة قد تبدأ المشاكل والنزاعات التي قد ينتج عنها السلبيات ، ومنها إشغال الدوائر ذات العلاقة بكثرة المطالبات والاعتراضات وإجراء التحقيقات التي تعتبر مضيعة للوقت ولا تفيد المصلحة العامة.. قد تسبب قطيعة الرحم بين الأقارب والإخوة وأبناء العم. أعود لاقتراحي السابق والذي كتبته حسب وجهة نظري الخاصة : أقترح أن لا يعطى ختم الشيخة ولا التعريف على القبيلة لمن يبحث عنه، ولا يعطى إلا لمن هو كفؤ ويحمل مؤهلاً ويتحلى بالحنكة والحلم. نحن نعيش بفضل من الله ثم بفضل هذه القيادة الرشيدة في أمن وأمان أدامهما الله علينا، وليس هناك حاجة لإثارة النعرات القبلية.