هل هو مهم في خضمّ صخبِ الحياةِ وضغوطِها، قد نغفلُ عن أهمّ رحلةٍ يمرُّ بها الإنسانُ في حياته، رحلةُ اكتشافِ الذات. رحلةٌ تُشبهُ مغامرةً مثيرةً، نُبحِرُ فيها في أعماقِ أنفسِنا، ونُكتشفُ كنوزًا دفينةً من قدراتٍ ومواهبَ لم نكن نعلمُ بوجودِها..رحلةٌ تُؤدّي إلى التغييرِ الإيجابيّ، وتحقيقِ السعادةِ والرضا، وإيجادِ مكانِنا الحقيقيّ في الحياةِ. وهنا يطل علينا السؤال الأبرز، ما هو اكتشافُ الذات؟ اكتشافُ الذات هو رحلةُ طويلة لفهمِ أنفسِنا، وإدراكِ قيمِنا، ومبادئِنا، وأهدافِنا، ونقاطِ قوتِنا وضعفِنا.. نعم، هو فهمُ مشاعرِنا، ودوافعِنا، وسلوكِنا، وكيف نتفاعلُ مع العالمِ من حولِنا، هذا هو الأمر ببساطة شديدة، وربما حتى هذه اللحظة يبدو الأمر جيدَا. لكن هناك ما يحتاج إلى بعض التأمل والتفكير.. لماذا اكتشافُ الذات مهمّ؟ سؤال يبدو في ظاهر التعقيد، لكن بقليل من التركيز سوف تكتشف ما هو مهم من الحياة بالضرورة .. واسمعني جيَدا. سوف تكتشف حتمًا أن اكتشافُ الذات مهمًا لأنه مثلًا يساعدُنا على فهمِ أنفسِنا بشكلٍ أفضل، فعندما نفهمُ أنفسَنا، نصبحُ أكثرَ وعيًا بمشاعرِنا، وأفكارِنا، وسلوكِنا، وربما يحتاج هذا لحديث منفصل لاحقًا"كيف تصبح أكثر وعيًا". الأمر الآخر أنه يُحسّنُ علاقاتِنا مع الآخرين، فعندما نفهمُ أنفسَنا، نصبحُ أكثرَ تعاطفًا وتفهمًا للآخرين، وبالتالي يجعلنا ذلك أكثر مرونة و أريحية في التعامل والانخراط في المجتمع. لم ننته بعد،فاكتشاف الذات يُساعدُنا على تحقيقِ أهدافِنا، نعم، فعندما نعرفُ ما نريدُه من الحياةِ، ونُؤمنُ بقدراتِنا، نصبحُ أكثرَ قدرةً على تحقيقِ أهدافِنا، بشكل أقل جهدًا وأسرع وقتًا. أزيدك أكثر، اكتشاف ذواتنا يُؤدّي إلى السعادةِ والرضا، حقًا، فعندما نعيشُ حياةً مُتناسقةً مع قيمِنا ومبادئِنا، نشعرُ بالسعادةِ والرضا في كل شىء، بعيد عن السخط العام والتقزم الملازم في كل تصرف.الآن علمت.. لكنك تسأل كيف أبدأُ رحلةَ اكتشافِ الذات؟ واسمح لي أن أخبرك أنه لا توجدُ إجابةٌ واحدةٌ تناسبُ الجميعَ على هذا السؤالِ، فرحلةُ اكتشافِ الذات هي رحلةٌ شخصيةٌ فريدةٌ من نوعِها.. وحتى لا تصيبك الحيرة دعني أهديك ما قد يرشدك. خصصْ وقتًا للتفكيرِ في نفسِك، بمعنى أن تأخذْ بعضَ الوقتِ كلّ يومٍ للتفكيرِ في أفكارِك ومشاعرِك، ولا مانع أن تكتبْ مذكّرةً يوميةً، فكتابةُ مذكّرةٍ يوميةٍ هي طريقةٌ رائعةٌ لتتبعَ أفكارِك ومشاعرِك وتجاربِك، ولا تنسى أن تتحدّثْ إلى شخصٍ تثقُ به، نعم، فالتحدثْ إلى صديقٍ أو فردٍ من العائلةِ أو معالجٍ عن أفكارِك ومشاعرِك سوف ينير لك كثيرًا من الدروب. عليك أن تجرّبْ أشياءَ جديدةً، مثل الخروجُ من منطقةِ الراحةِ الخاصةِ بك فتجرّبةُ أشياءَ جديدةٍ هي طريقةٌ رائعةٌ لمعرفةِ المزيدِ عن نفسِك. سافرْ واقرأْ و تأملْ .. فهذه الطرق الثلاث سوف تفتحك على عوالم جديدة، وتحسن فهمك عن الناس، وتفرغ ذهنك من كل الأفكار والطاقة السلبية. رحلةُ اكتشافِ الذات هي رحلةٌ مُستمرةٌ، وليست وجهةً نهائيةً. كلّما تعلّمْنا أكثرَ عن أنفسِنا، كلّما أصبحنا أكثرَ قدرةً على العيشِ حياةٍ مُرضيةٍ وسعيدةٍ.