يظل التمريض هو واجهة العمل في القطاع الصحي وذلك من لحظة الولادة وسماع بكاء الطفل ورسم ابتسامة الأم إلى لحظة الاحتضار، عندما يتم إطفاء أجهزة الحياة وتغطية المتوفى بالغطاء الأبيض. ومع كم العمل الهائل فإن الممرض بن غران يرى أن التمريض يفتقد إلى مكان حيوي في قلب الحدث، وأنه حان الوقت لدمج أفكارهم وملاحظاتهم في الابتكار التقني في القطاع الصحي. إن الشركات المهتمة بالتطور التقني تركز في معظم أعمالها على الطبيب، ولكنهم يتناسون أن هذا الممرض يقضي وقتا أطول مع المرضى ولديه كم هائل من الخبرة والملاحظات، كما أن عنصر التمريض هو الأكثر عرضة للاحتراق الوظيفي والدخول في مضاعفات متلازمة المناوبات من قلق وإحباط وامراض عضوية. تقدر منظمة الصحة العالمية وخلال عشر سنوات أنه ستكون هناك أزمة عالمية في عدد العاملين بالقطاع الصحي، ومنها الاحتياج إلى تسعة ملايين ليعملوا في مجال التمريض، وهذا تحد كبير في ظل ارتفاع المتقاعدين وضعف المتقدمين الجدد وعزوف الكثير عن الدخول في هذه المهنة بسبب تأثيراتها الجسدية والاجتماعية وضعف مردودها المالي. ويرى بن غران أنه حان الوقت ليتخلص التمريض من الكثير من الأعباء الروتينية بالعمل، والتي يمكن توفيرها من خلال الذكاء الاصطناعي، وبالتالي يتم إزالة الكثير من الجهد والمعاناة عن الكادر التمريضي. إن كتابة التقارير المطولة وأخذ العلامات الحيوية هي أمور يمكن الحصول عليها من خلال البرامج الإلكترونية، والتي يمكن المساعدة في تطويرها وتصميمها من خلال التمريض. إن جميع شركات الذكاء الصناعي تركز وبشكل كبير على التوسع في تسخير التكنولوجيا لتسهيل مهام الأطباء بأقسام العمليات والأشعة والمختبرات، ولكن في المقابل فإن أجهزة مراقبة المريض ومتابعة العلامات الحيوية لم تحظ بذلك التطور والاهتمام الكبير. ويعتقد بن غران أن الوضع حاليا أصبح يتطلب وبشدة تطبيق هذه التطورات في القطاع الصحي، وأن يتولى التمريض هذه العملية من التطوير لأنه الأدرى بجوانب عمله التي يمكن استبدالها بتقنيات مستقبلية. المجال الصحي يتغير بشدة وكذلك مجال التمريض إلا أنه في المقابل فإن التعليم الجامعي لم يواكب هذه التغييرات ولا زال يتم تدريبهم على مهام روتينية مملة في ظل التطور الهائل للتكنولوجيا. لا شك أن هناك فجوة كبيرة بين المبرمج وبين المستخدم النهائي، وتتسع هذه الفجوة عندما نتحدث عن التمريض بل وتساهم هذه الفجوة في مزيد من الإحباط والتسرب الوظيفي من هذه المهنة، وذلك لعدم وجود حلول جديدة تخفف من الأعباء وتقلل من المجهود. ويستعرض الممرض بن غران مقابلته الشخصية الأولى عندما تقدم لمهنة التمريض فسألته مديرة التمريض ماذا تخطط أن تعمل بعد خمس إلى عشر سنوات من الآن، فأجابها لا أعتقد أنني سأستمر في هذه المهنة لعشر سنوات، فهذا العمل شاق على المستوى الجسدي والنفسي. ولعلنا نختم بأنه حان الوقت للذكاء الصناعي والتقنيات الحديثة أن تتولى العديد من مهام التمريض الروتينية، وكذلك حان الوقت ليكون التمريض هو محور الابتكار الأول لتلك الشركات والمؤسسات.