قال أستاذ الأدب والنقد الحديث بجامعة الملك سعود الدكتور عبدالله أحمد الفيفي إنه" ليس ضد قصيدة النثر ولا ضد كتابها، ولكن يجب أن نسمي الأشياء بمسمياتها، فقصيدة النثر ليست شعرا ولا تطويرا للشعر ولا يمكن أن نطور الشعر من خلال النثر". وبين الفيفي في محاضرة بنادي مكة الأدبي مساء الثلاثاء المنصرم بعنوان "شعرية البناء الموسيقي في القصيدة الحديثة" أن هناك من يعتبر النثر أقل من الشعر بالرغم من أن النثر فيه متسع أكثر، وهذا أمر موروث يحكم على كل ما هو جديد أنه شعر، فهناك من يقول بشعرية العمل السينمائي لوجود الخيال فأدخلوا في الشعر ما ليس منه، مرجعا الجدل المثار حول قصيدة النثر إلى التجديد؛ فكتاب قصيدة النثر نقلوها من الثقافات الأخرى وزعموا أنها تطوير للشعر العربي وهنا موطن الخلاف، فالتجديد لابد أن ينطلق من التربة العربية، وإذا لم يكن كذلك فلا قيمة له؛ لأننا لم نطور ما هو موجود في موروثنا الأدبي ولا نستطيع أن نتقن ما لدى الآخرين ونطوره. وتابع الفيفي: القضية ليست في قصيدة النثر كقصيدة أو لون أدبي، بل في الإصرار على أنها من الشعر وهي ليست منه البتة، فالقصيدة في العربية لها مفهوم محدد وليس كل ما فيه شعرية قصيدة، وليس كل ما فيه موسيقى يسمى شعرا، فالرجز لا يسمى قصيدة مع أنه من بحور الشعر وفيه موسيقى فيقولون "شاعر ورجاز" وإذا كان هذا الفصل في المصطلحات بهذه الدقة، فكيف لنا أن نعود عن هذا ونسمي ما ليس بشعر شعرا؟. وأشار الفيفي إلى أن قصيدة التفعيلة أبقت على المكون الأساس في القصيدة العربية وهي التفعيلة، وحاولت نازك الملائكة في تعقيداتها تأصيل قصيدة التفعيلة عند العرب لتعدها تطويرا للشعر العربي. ولفت الفيفي إلى أن قصيدة النثر وجدت في النثر العربي وليست جديدة، فهي موجودة مثلا عند الصوفية كابن عربي وغيره، لكنهم لم يسموها شعرا بل مخاطبات وإشراقات ومواقف، ولدينا نماذج جيدة كتبت فيها وينبغي أن يطور هذا اللون من الكتابة النثرية في إطاره، ومن الجناية عليه أن نحاصره بالشعر ويدعي صاحبه الشاعرية.