كان أهالي أبها يعتقدون أن تدني مستوى النظافة الذي تعانيه المدينة على مدى الأشهر السابقة، وتراكم النفايات مقتصرا على الشوارع والأحياء، لكنهم صدموا خلال توجه بعضهم وعائلاتهم إلى حدائق المدينة، بأن الوضع مشابه إلى حد كبير عما يجري خارجها، فالنفايات متراكمة، والروائح تزكم الأنوف، ودورات المياه مهملة ومتسخة، وعمال النظافة يغطون في سبات تحت ظل الأشجار، في ظل غياب رقابة الأمانة. ويشير المواطن بندر آل مفرح، إلى أنه قرر اصطحاب ضيوفه وعائلاتهم للتنزه خلال الأيام القليلة الماضية بحديقة الأندلس "وسط أبها"، على اعتبارها من أكبر الحدائق، وبمجرد وصولهم إلى الموقع كانت الصدمة فالنفايات تكسو أرجاء المكان، ودورات المياه خالية من الماء وتعاني من تدن شديد في مستوى النظافة، في حين أن العمال يسرحون ويمرحون دون رقيب أو حسيب، إذ أخذوا على الافتراش تحت الأشجار ليستمتعوا بالنوم والاسترخاء، مما اضطره إلى الاعتذار لضيوفه ومغادرة الحديقة. وأشار المواطن مسفر بن سعيد القحطاني "من سكان أبها" إلى أن وضع الحدائق في شمال المدينة لا يختلف عن "الأندلس" فالإهمال سيد الموقف، وتدني مستوى النظافة انتقل من الأحياء والطرقات إلى الحدائق، مستغربا تناقض الأمانة الشديد بين أقوالها وأفعالها، فقد أصدرت بيانا صحفيا موزعا في السادس والعشرين من الشهر الماضي على لسان مدير عام الحدائق والتجميل المهندس سالم آل مصلح، ونشرته بعض الصحف يتضمن أن الأمانة فرغت من تجهيز الحدائق والمسطحات الخضراء وتشذيب الأشجار، ونظافة الشوارع والميادين، بالإضافة إلى صيانة الألعاب والانتهاء من صيانة دورات المياه، وممرات المشاة، ومواقف السيارات ومقاعد الجلوس، وتوفير المظلات، مشيراً إلى تكثيف جهود النظافة خلال الإجازة، ومن الحدائق التي تم تجهيزها حديقة الأندلس وأبو خيال الجديدة والسد والشلال والفيصلية والسلام والممشى والمفتاحة والساحات البلدية بطريق آل يوسف. وأكد القحطاني أن ذلك التصريح يناقض الواقع، فحديقة الأندلس وما شهدته من تدن لمستوى النظافة، يجسد ضعف الرقابة وعدم الاكتراث بزوار المدينة وسكانها، مطالبا الجهات المعنية سواء هيئة الرقابة أو هيئة مكافحة الفساد، بضرورة تقصي حقائق عقود الأمانة المبرمة بينها وبين متعهدي النظافة، ورصد ما يجري على الواقع ومحاسبة المتسبب، وصولا إلى الحد من هدر المال العام، وإيجاد حل جذري لمشكلة النظافة في المدينة وحدائقها. وكانت وتيرة ضغوط المجلس البلدي في أبها قد تصاعدت على الشركة المتعهدة لأعمال النظافة، وذلك عطفا على كثرة شكاوى المواطنين وتدني مستوى النظافة، فضلا عن عدم التزامها بتلافي الملاحظات التي تم رصدها في أوقات سابقة، وسط مطالب بإلغاء عقدها وإعادة النظر في تصنيفها من قبل وزارة العمل، وذلك خلال الجلسة التي عقدها المجلس مطلع الشهر الماضي بحضور نائب الرئيس عبدالله الهنيدي، ورئيس لجنة الخدمات بالمجلس عامر العامر، ومدير عام صحة البيئة بالأمانة الدكتور جابر حمزة، ومسؤول الشركة المعنية، إذ أكد الهنيدي أن ما تم الاتفاق عليه مع الشركة خلال الفترة الماضية حيال رفع مستوى النظافة، كان مجرد حبر على ورق – على حد قوله–، فيما أوضح الدكتور حمزة أن الصيف كان بمثابة الاختبار الحقيقي للشركة التي لم تقدم إلا نصف المأمول، وسط تبرير لمسؤول الشركة مفاده إبرام عقود مع مؤسسات أخرى لتأمين معدات وآليات وعمالة، إلا أنها لم تلتزم. وأكد المجتمعون وقتذاك على ضرورة عقد لقاء يحضره أمين المنطقة، لدراسة وضع الشركة، وإعادة النظر في العقد المبرم معها، على اعتبار أنها معنية بتقديم خدمة حساسة ومباشرة للمواطن والمقيم، ومخاطبة وزارة العمل حيال تصنيفها، وإيقاع العقوبات النظامية بحقها. من جهته، أوضح أمين منطقة عسير المكلف الدكتور جابر حمزة ل"الوطن" أن الشركة المتعهدة بنظافة الحدائق، تختلف عن المعنية بنظافة مدينة أبها، مؤكداً أن الملحوظات المرصودة حول النظافة في حديقة الأندلس والحدائق الأخرى ستكون موضع اهتمام المسؤولين في الأمانة وصحة البيئة.