جددت الانجرافات والانهيارات التي لحقت مؤخرا بالطرق المؤدية إلى جبل ادقس، في جنوبالمدينةالمنورة بسبب الأمطار والسيول، مطالبات الأهالي التي تمتد إلى 50 سنة مضت، وتمثلت على الأخص في تعبيد الطريق إليه، خصوصا أنه يشكل خطرا على السكان والزوار، بسبب انحداره الشديد وغياب وسائل السلامة فيه. معلم سياحي في أعالي جبل ادقس تتدفق شلالات المياه العذبة على ارتفاع 2200 متر عن سطح البحر تقريبا، وتكسر بهديرها الصاخب سكون غابات أشجار العرر والمزارع، التي ترسم لوحة خضراء طبيعية في مدرجات ورياض الجبل، غير أن هذه الثروة الطبيعية لا تزال بحاجة لمن يأخذ بيدها للتأهيل وإصلاح بنيتها. سلة الغذاء يقول حميد الرويتعي، وهو أحد أعيان أهالي جبل ادقس إن «الجبل يبدو بمثابة الحصن الذي هو خط الدفاع الأول عن المدينةالمنورة، والذي تحول اسمه من جبل قُدْس إلى جبل أدقس، وهو يمثل سلة غذاء للسكان الذين يحيطون به من كل اتجاه، ويتألف من 4 قمم تمثل إطلالات طبيعية من الاتجاهات الأربع، وهي قمة المِرْقَاب، قمة الرّدِيْفَة، وقمة الجَمّاء وقمة المصْلِيت». وأضاف «غير أن من يزور جبل قدس «ادقس» اليوم يكتشف مدى سوء الخدمات في هذه المعلم السياحي، ولعل الطرق تتصدر المرتبة الأولى في السوء، حيث يواجه الأهالي والمزارعون الخطر في ذهابهم وعودتهم منه وإليه». الترويج الغائب شدد الرويتعي على أن «جبل ادقس يملك جميع المقومات السياحية، إلا أنه لا يزال خارج حسابات السياحة، وأتمنى أن تلقى مطالب أهالي الجبل التي أوصلوها للمسؤولين قبل 50 عاماً، بتعبيد وسفلتة الطريق آذانا صاغية». وتابع «الإقبال على هذا المعلم التاريخي قليل، رغم أنه يعد مصيف أهل المدينةالمنورة الأول، وهو يعاني من التقصير في الترويج له سياحيا، على الرغم من وجود مواقع أثرية متنوعة فيه، ومع ذلك فكل ما يوصل إليه طريق ترابي مهد بطرق بدائية على نفقة الأهالي قبل 40 عاماً تقريبا، وهو دون سياج أو حواجز أسمنتية تحمي سالكيه». نقص خدمات يتكبد أهالي جبل قدس «ادقس» عناء كبيرا بسبب نقص الخدمات البلدية كالسفتلة والإنارة، وزاد من معاناتهم وعورة الطرق، وغياب تنمية وتطوير البنى التحتية، وعدم الاستفادة من الموقع سياحياً. وقال الخبير البيئي، مؤسس منتدى المدينة البيئي الدكتور عبدالرزاق الرميحي «يعد جبل قدس «ادقس» جوهرة سياحية، لكنها تفتقر إلى التسويق، واستغرب عدم دخوله خارطة السياحة، لا سيما أن منطقته بجمالها وطبيعتها الساحرة، تشكل قبلة للسياح ومتنفسا لسكّان المدينةالمنورة والمدن المجاورة». وأضاف «تعد مرتفعات جبل ادقس بتعدد مقوماتها السياحية من مراكز الجذب للزائرين، بتنوع غطائها النباتي، ووجود عشرات الآبار الأثرية والآثار التاريخية فيها، فضلا عن ينابيع مياهها ومبانيها التاريخية ومخازن حفظ الحبوب والبيوت العربية القديمة». وواصل «يوجد في جبل ادْقُس أنواع كثيرة من الأشجار والنبات البرية الرعوية، وبعضها يُزرع في المزارع والرياض، ومنها العَرعَر، والقَرَظ، والتين، والعِرن، والرُّمان، والخَزم، والعِتم، والبن العربي، والبرشومي، والأَثب، والْبَان العربي، والجُميز، والحَمَاط، والضّرو، والمشمش، والتفّاح، والبرتقال، والعنب، والطُّبّاق، والنّعْنَاع، والضّيْمَران، وغيرها، وكان الجبل قديما مصدرا هامًّا للمنتجات الزراعية، و تكثر به المزارع البعلية التي تُزْرع على المطر، ويُزرع به أنواع الحبوب والخضراوات والفواكه، ومنها -أيضًا- رياض النخيل بأنواعه، وكان جبل ادْقس في القدم منطقة محمية بإحكام من أهله، وهذا ما أثبتته الوثائق الأهلية القديمة». رياضة المشي تعد قمم جبل ادقس معلما للجذب السياحي، ومقصدا يلقى إقبالا كبيرا من جانب هواة رحلات السير على الأقدام، وسط المرتفعات في فصل الصيف، فإلى جانب طبيعته الساحرة في إطلالاته ووديانه، هناك عدد من الطرق «الجادات» القديمة والنقوش الأثرية والمباني، التي شيدها السكان القدامى ومخازن حفظ الحبوب، ويأتي الزوار وهواة رياضة المشي وتسلق الجبال إلى هذا الجبل ذي المناظر الطبيعية، لتجديد نشاطهم في أحضان المدرجات الجبيلة الخضراء. وقال قائد فريق هايكنج طيبة، نايف المحمدي «سياحة المناطق الطبيعية في سلسلة جبال ادقس تستهوي متسلقي الجبال، الذين يتحملون المخاطر لاستكشاف الطبيعة والاستمتاع بجمالها، ونتمنى أن تفتح مرتفعاته لهواة المشي وتسلق الجبال لما فيه من طبيعة بكر، تنافس جبال ومرتفعات العالم، فضلاً عن استثمار المنطقة سياحياً».