يقول أرسطو وهو الفيلسوف اليوناني وتلميذ الفيلسوف الشهير أفلاطون «التعليم زينة في الرخاء وملاذ في الشدة». كثيرة هي الأيام الدولية التي تهتم بأمور مختلفة، فهناك اليوم العالمي للبيئة ويوم المرأة واليوم العالمي للمياه وغيرها كثير، وبالرجوع إلى تاريخ هذه الأيام نجد أن الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أصدرت قرارات ووضعت تواريخ لهذه الأيام منذ عقود، وكان لشهر يناير في لائحة الأيام العالمية نصيب. يناير في بداية كل سنة خصص له يوم يعتني بميدان من بين أهم الميادين إن لم نقل أنه الأهم على الإطلاق، وهو يعتبر قاطرة تقدم الأمم ومنارة تهتدي بها الشعوب إلى مرسى الرقي الحضاري، إنه التعليم والذي خصص له تاريخ مخصص له اليوم العالمي للتعليم أو اليوم الدولي للتعليم. اجتمعت الآراء وتناقشت في الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل عده أعوام وتحديدًا في العام 2018، واتفقت وأعلنت بأن يوم 24 من يناير من كل عام سيكون يومًا دوليًّا للتعليم، ضمن إطار الاحتفال بالتعليم من أجل السلام والتنمية، وكانت السنة التي تليها هي سنة الانطلاق للاحتفال بفعاليات متنوعة بالتعليم، الأمر الذي يتعزز الوعي بضرورة حصول الجميع على تعليم شامل وجيد. وهنا كانت البداية في 24 من يناير في العام 2019 تقرر إعلان الدورة الأولى لليوم الدولي للتعليم، والذي يهدف ليس فقط بالتحسيس بأهمية العلم والتعلم في تكوين مجتمع عالمي متحضر وتربية أفراد ينتمون إلى مجتمعات مستدامة ومرنة، بل من بين أهداف القرار هو دعوة كل من لهم دخل من قريب أو بعيد، بداية من الدول الأعضاء في الجمعية الأممية والجمعيات المدنية النشطة في هذه الدول وغيرها، والقوى السياسية والمنظمات الحكومية وغير الحكومية والمؤثرين الاقتصاديين وغيرهم إلى الاهتمام باليوم العالمي للتعليم، وطرح الأفكار وتجهيز المشاريع التي من شأنها أن تسهم في الرقي بهذا الحق من حقوق الإنسان ليرقى ويليق بالإنسان وفي الوقت نفسه يرتقي به. في الرابع والعشرين من يناير 2019 انطلقت فعاليات اليوم العالمي للتعليم والمؤسف أنه في السنة نفسها اكتسحت جائحة كوفيد 19 العالم، واضطر معها غالبية سكان العالم إلى المكوث في المنازل خوفًا من انتشار العدوى، فتعذر على الطلاب والمراكز التعليمية والإداريين التوجه إلى مؤسساتهم التعليمية، الأمر الذي رفع من التحدي أمام الدول فيما يخص استمرارية التحصيل الدراسي لشعوبها، وقيد حرية التنقل من وإلى المدارس والمعاهد والجامعات، هنا انتشرت فكرة التعليم عن بعد حتى لا يتوقف قطار التعليم. وتطورت واستمر الطلاب في تلقي الدروس عن بعد في سنة التحديات والتحديثات المستمرة من جميع النواحي الصحية والتعليمية والمعيشية. وأكدت الجمعية استمرارها في دعم العلم والتعليم من خلال الحرص على انعقاد هذا اليوم في السنوات التي تلت 2019 في خطوة للحفاظ على التعليم كحق أساسي وداعم لخطة التنمية المستدامة، وما يدل على ذلك أن اليوم العالمي للتعليم سنة 2021 كان تحت شعار «استعادة وتنشيط التعلم لجيل كوفيد 19» سنتين بعد ظهور الفيروس الذي غير معالم العالم بأسره. تحسين التعليم هو في الواقع تحسين لكل المجالات، وتخليق للحياة العامة، والسبيل الأول للخروج من نفق الفقر والحصول على ظروف معيشية أفضل، الفئة المتعلمة تملك كل المقومات لتغيير حياتها نحو الأفضل وهذا نراه ملموسًا في واقعنا. ما يؤكد المقولة جودة التعليم أفضل جودة حياة أفضل، وكما قال الكسندر دوماس «قد ينتهي عمل المرء يومًا ما، لكن تعليمه لا ينتهي أبدًا».