يتهافت العالم اليوم بسبب هيمنة الرأس مالية إلى محاولة التقليل بأي طريقة كانت من مؤسسة الزواج!، وأنها بيئة مليئة بالتكاليف المالية وأعبائها المرهقة! وعامرة بالتحكم والمشاكل والسيطرة! وللأسف إن هذه الأفكار انتقلت إلى المجتمع فأصبح الكثير من الشباب يعزفون عن الزواج بدعوى الخوف من تبعات المسؤولية، والمصاريف المالية! وأصبح أيضاً الكثير من الفتيات يصرفن النظر عن التفكير في الارتباط حُباً في الاستقلالية، وخوفاً من تسلط الرجل عليهن، ومنعهن من تحقيق أهدافهن، وحتى الزوجين أنفسهم هم أيضاً شُركاء في بناء هذه الصور الذهنية السلبية عن مؤسسة الزواج، وذلك من خلال إظهار السلبيات فقط! وإخفاء ايجابيات الزواج وروائعه المؤنسة وجمالياته الرائعة، علتهم في ذلك الخوف من العين والحسد! وساهمت أيضاً أرقام الطلاق والخُلع المتزايدة في المحاكم في توجس الكثير من الشباب والفتيات في الإقدام على دخول القفص الذهبي الجميل. ولم تنته الأسباب عند ذلك إذ تُسهم الأفلام والمسلسلات التي نراها في الشاشات أو حتى في نت فليكس، والتي تُسوق على أهمية الحرية، وتُظهر بيئة الزواج على أنها مليئة بالمشاكل والخيانة والصراع والكبت والقهر والعنف، والكثير من المشاهد السيئة التي تجعل المُقبلين يخافون من الإقدام عليه. وفي الحقيقة فإن الزواج يُعتبر –غالباً- نعمة كبرى اعترف بذلك المتزوجون أم أخفوها، ففيه من الجمال ما لا يوصف، وفيه من الراحة البدنية والنفسية التي تجعل الإنسان يذوق طعم الجنة في الدنيا، بل ويبتعد كثيراً بحصانته الزوجية عن الكثير من مواطن الفتنة وخُطورة عواقبها الوخيمة. ويتميّز الزواج بأنه مشروع قابل للمشاركة مع كل شيء، فهو لا يضر بوظيفة الرجل والمرأة التي تشغل بال الكثير، فالكثير من الوظائف تُفضل في القَبول المتزوج أكثر من العازب؛ لأنها تعرف أن المتزوج سيتمسك بأدائها أفضل من غيره. ويتميّز الزواج بمنح المكانة الاجتماعية للرجل والمرأة الذين بمجرد دخولهم الى عش الزوجية يصبح لديهم امتداد جديد واسع في العلاقات بين الأرحام والأنساب. ومن باب قوله تعالى في سورة الضحى (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) فإن على الأزواج والزوجات أن يتحدثوا في أوساطهم وبين ذويهم –بوسطية- عن نِعمة الزواج، وعن الجوانب الجمالية التي لا تنتهي فيه، لكي يُحفزوا بذلك الأجيال الحالية والقادمة للدخول في عالمه البهيج، والانتماء إلى ميثاقه الغليظ، حيث المودة والسعادة والحُب والطمأنينة.