عندما يعلنها صغيرهم، فاعلم أنَّ كبيرهُم قالها، وفي المثل، يُقال: (نأخُذ أسرارهم من صغارهم). خداع القلوب يظهر من كلمة على اللسان، أو نظرة من العين [لقمان الحكيم]. إسرائيل الكبرى هي حلم الصهاينة وهدف اليهود. هؤلاء يعلمون أن الصناعة لا تكون على طريقة كن فيكون، بل إنها تمر بمراحل، وقد تواجهها معوقات، فهم يعالجون قبل أن يصنعون، وفي كلتا الحالتين هم يعملون. من لديه العمق الإستراتيجي في خريطة الوطن العربي وتضاريسها، ومُلِمَّاً بأبعادها السياسية ودولها؛ ليعلم أن الدق في الشرق يسمع في الغرب، وكذلك الشمال والجنوب. زِراعة إسرائيل ثمرة للغرب والأمريكان، والمحافظة على هذا البستان يتطلب التوسع في أراضيه، وأن يضمن لها الماء والهواء، دون شح أو تلوث. من الشرق يواجه هذا البستان الأرض العراقية، ومن الغرب قد قال الكتاب والقلم فيه ميثاقه (في إشارة لاتفاق سيناء). غزو العراق وتسليمه لإيران، وفي الوقت نفسه صمت إسرائيلي مريب، وكأن على رؤوسهم الطير. هذا الصمت دليل على أن خطة التوسع في البستان الإسرائيلي تسير بخطى ثابتة، وأن العرب أنفسهم بكل أطيافهم مخدوعون، ما بين الخبث الإسرائيلي ولؤم وخِسَّة وكذب الأذرع المخدوعة. إذا استطاعت إسرائيل أن تخدع العرب بعض الوقت، فإنها لا تستطيع أن تخدعهم كل الوقت. إنها الحقيقة عندما تختفي، لكن الخداع يظهرها. لقد تاه العرب بعضهم مع بعض، بين الوقاحة الخشنة، والخيانة الناعمة، فالوقاحة تطهّر نفسها بنفسها، أما الخيانة فإنها ترتدي ملابس غيرها، وهذا ما يفعله بعض الشيعة والأحزاب أمثال: حزب الله، وأنصار الله. إنها الخدعة والخيانة الإيرانية كذلك، والذي جعل من هذه الأحزاب يقتنعون بأمور ومعلومات غير صحيحة، يقول شوبير: (الخائن إنسان يبتسم، ويخفي خنجراً في ثيابه). لقد احتار الحليم من هؤلاء الخونة من أبناء جلدته، فماذا يفعل ذو المروءة بين أهل الخداع في أرض النفاق. تسليم الأمريكان العراق لإيران يجب أن يُفسَّر ويُدرس وتُبنى عليه سياساتنا القادمة. الرسائل العاجلة والتصريحات الآنية بين الحين والآخر، ما هي إلا ذر الرماد في العيون. اللعبة العالمية صناعة أميركية وغربية، وهدية لإسرائيل. الإسرائيليون لم يحِن دورهم بعد، ولكنه قرب. أمام هذا المخطط المحبوك، وهذه العملية القيصرية التي لم تحن بعد، يجب على العالم العربي أن يتحرك ويقطع أنوية ذلك البستان، والعمل على التضييق عليه بكل الوسائل الممكنة وغير الممكنة. العالم العربي الحر، عليه أن لا يتخاذل، يقول شكسبير: (عندما لا تجعلنا أفعالنا خونة، تجعلنا متخاذلين).