في كُل عام من ديسمبر يحتفل العالم باليوم العالمي للتطوع، الذي تم اعتماده في الخامس من ديسمبر عام 1985 من قبل الأُمم المُتحدة، والذي أصبح الآن لُغة العصر في إبراز الطاقات الشبابية المُجتمعية، وتطوير مهاراتهم من خلال العمل الدؤوب، وتبادل الخبرات. وحسب الإحصائيات العالمية فإن شباب المملكة العربية السعودية يُمثلون 36.7% من (الفتيَّة العصرية) المُتسارعة في النمو، والقابلة للتطور الفكري، وهذا ما يُميّز دولتنا عن غيرها من دُول العشرين (G20). والتجربة التطوعية من الأعمال التي تحمل منظومة مؤسسية تحت إستراتيجية هرمها العطاء، فهي تدعم قدرات الفرد، وتعمل لتخريج دُفعات شبابية نحو مستقبل حيوي مزدهر. وكانت لجائحة كورونا الأثر الكبير في توحيد الصفوف الشبابية، وتمكينهم في خلق جنود مجندة لِمُجابهة الجائحة، حيثُ تصدّرت المملكة أعلى نسبة سجلها المُتطوعون السعوديون إلى 400 ألف متطوع حسب إحصائية وزارة الصحة السعودية، وتجاوزت وزارة الموارد البشرية نسبة المُستهدف الذي تم التخطيط له وهو الوصول إلى 120.000 مُتطوع بواقع 192.448 مُتطوعا فعلياً. يأتي دور المُجتمعات المدنية، والمُنظمات غير الربحية في دعم جهود المُتطوع لتحقيق القيمة العالية للفرد مِن خلال المُجتمع، ورفع جودة الحياة، ووِفقاً لتقرير الجمعية العامة للأُمم المُتحدة أوضحت الهيئة العامة للإحصاء (GASTA) أن نسبة المُتطوعين من سُكّان السعوديين لعام (2018) يبلغ 16.8% في مُختلف المجالات. وتُعد الاستدامة التطوعية السعودية من أبرزها في تجارب مُحاربة الفقر والجوع على الصعيدين المحلي، والعالمي مِن خلال الأعمال الخيرية، وأبرزها مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الذي ساهم عالمياً في دعم الدول النامية، كما أن مُبادرة الشرق الأوسط للسعودية الخضراء تُعد من المبادرات الطوعية التي تطمح المُنظمات العالمية لدعمها في تحسين جودة الحياة وحماية الأجيال القادمة من خلال زيادة الاعتماد على الطاقة النظيفة وتحييد الآثار الناتجة عن النفط وحماية البيئة، والتي من خلالها ستقود المملكة الجهود الإقليمية لتحقيق المستهدفات العالمية لمكافحة التغير المناخي. وكانت تجربتي مع التطوع لها الأثر الكبير في عملية انتقالي ما بين المنصات والمُنظمات العالمية التطوعية، وكسب الخبرات في كثير من مجالات الاستدامة الدولية، والأعمال الخيرية، وما شاهدته في هذا العمل«ما هو إلا بداية انطلاقة نحو مُستقبل مُشرق»، فالكم الهائل من الخبرات والمهارات، وجودة إتقان العمل الذي نكتسبه من خلال هذه الأعمال لا يُقدّر بثمن، ويأتي من جهةٍ أخرى السعادة الروحانية في فن العطاء لطالما كُنت أُردد «المُبادرة حُسن الامتنان، وفي العطاء عُمق السعادة» . يقول الله تعالى: (فمن تطوع خيراً فهو خيراً له)؛ أي أن كُلّما أعطيت بلا مُقابل كُلما رُزقت بلا توقع، فصوت العطاء يرتفع عِندما يكون لمن هم في حاجةٍ إليه. واقعٌ جميل لِدول يعمل شبابُها على العطاء من دُون مُقابل، وجهود تُثمر في انتقالية نحو مُستقبل مُزدهر، وأيد تتلاحم لِتحمل على اكتافها عبء المُنافسة نحو التقدم. «في ديسمبر العطاء أهنئ لدولتنا، ولشبابها، ولعطائهم المُتواصل هذا الفِكر النيّر لِحب الابتكار، وطموح التطور، وسمو المنطق نحو مستقبل ناجح».