الناس منذ أن خلقهم الله وهم مختلفون في الطبائع والرغبات والميول، مختلفون في الألسن والألوان واللهجات واللغات والعادات والتقاليد وربما ببعض القيم. مختلفون في التكيّف مع الأوضاع والمحن التي يعيشونها أو يمرون بها. عامل النَاس كَما يعاملوك، أو عامل الناس كما تحب أن يعاملوك، والعبارة الثانية هي الحكمة (لم أعرف من قائلها) التي يتداولها الناس، ولا أعلم هل هي الحكمة التي يأخذون بها أم لا؟. إذا عاملت الناس كما يعاملونك حتما سوف تدخل في متاهات ودهاليز من تعامل البشر. هل من المعقول أن تكون كذابا حين تعامل إنسانا كذابا، أو مخادعا، أو غشاشا، أو نماما أو منافقا وهكذا؟. أعتقد أن الغالبية يوافقون الرأي بالقول، نعاملهم كما نحب، وليس كما يحبون، ومع هذا هناك من ينسي أو يتناسى معاملته للآخرين، وحين يعاملونه بالمعاملة نفسها يستغرب، وربما يغضب ويجمد العلاقات الإنسانية. المعاملة الطيبة الحسنة مطلوبة في تفاصيل حياتنا كلها، ومع الناس كافة. ماذا إذا واجهت معاملة سيئة؟ كيف ترد على من أساء إليك؟، يختلف الرد حسب طبيعة الإنسان وثقافته وتربيته وقناعته، والغالبية سوف تقول: أتجاهله في كثير من الأحيان لأنه أقل من أن أرد عليه، وأحتسب ذلك عند الله. وقال أحد الحكماء لابنه في موعظة: يا بني.. إذا أردت أن تصاحب رجلا فأغضبه.. فإن أنصفك من نفسه فلا تدع صحبته.. وإلا فاحذره. الجميع سوف يوافقون على أنّ الابتسامة الصادقة بداية التعامل الإنساني الحسن، فالابتسامة مفتاح القلوب، حتى تلك القلوب الغليظة القاسية في معظم الأوقات، فلا تبخلوا بمفتاح القلوب في التعامل. للأسف هناك شريحة في مجتمعنا- وأتمنى أن تكون شريحة صغيرة - تتعامل مع الآخرين بالأنا أو ما يعرف اصطلاحا ب«النرجسية». فالتعامل فوقي دون مبررات، وليس هناك مبررات. هذه الشريحة يميل أصحابها إلى الغرور والتباهي والكبرياء، ويسعون لتضخيم أنفسهم أمام الآخرين، ويتطلعون للفت أنظارهم بأي إنجاز يحققونه. وعلاقتهم مع الآخرين انتهازية استغلالية تبرز فيها المصلحة الشخصية، ولا يهمهم فقد صديق أو خسارة موقف. وفي المقابل هناك شريحة متواضعة في التعامل مع الآخرين، وهذه الشريحة تؤمن ب «لست أفضل منهم مهما كانت رتبتك أو علمك أو مقامك الاجتماعي فالجميع سواسية». خصال المتواضع في صورته المثالية تعني الاقتداء بنبي الهدى - صلى الله عليه وآله وسلم - الذي حث أمته على فضيلة التواضع، وطبقه قولا وفعلا، والذي قال (إنما أنا عبد.. آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد). أخيرا، ليس هناك أجمل ولا أقرب للقلب من «عامل الناس كما تحب أن يعاملوك»، وليس عامل الناس كما يعاملوك. الإنسان المتواضع الذي يعامل الآخرين بالاحترام والتقدير منزلته في المجتمع كبيرة فهو قدوة حسنة. كذلك هو يعامل ذاته بكل محبة، ويعطيها ما تستحق من التقدير. (اهتم بتهنئة الناس في مناسباتهم ومشاركتهم في أحزانهم وابتكر في ذلك ما تراه من طرق مناسبة).