في السنوات القليلة الماضية، كان هناك اعتراف متزايد بأن ارتقاء التكنولوجيات المتطورة بسرعة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، وإنترنت الأشياء سيغير طبيعة العمل والمجتمع، في موجة توصف أحيانا بأنها الثورة الصناعية الرابعة. وعلى الرغم من أنه يعتقد على نطاق واسع أن الذكاء الاصطناعي الحقيقي، القادر على فعل معظم الوظائف البشرية، هو هدف بعيد المنال، فقد حدثت تطورات في الأعوام الحالية، في نطاق التعلم الآلي العميق الذي يتم دون مدخلات بشرية، حيث تقوم الروبوتات بتعليم نفسها باستخدام قواعد واستراتيجيات معقدة. وتضع المملكة العربية السعودية نفسها في طليعة الثورة الصناعية الرابعة من خلال استثماراتها في الذكاء الاصطناعي، حيث يستمر العلم في تغيير الطريقة التي تعمل بها الحكومات وتلك التي تمارس بها الأعمال. وتظهر المملكة العربية السعودية التزاما قويا تجاه تطوير وتطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتستثمر الشركات في هذا الجزء من المنطقة بكثافة في التكنولوجيا الجديدة، مدعومة من قبل الحكومات كمستهلكين مبكرين لهذه التكنولوجيا. ومن المتوقع بشكلٍ كبيرٍ أن يكون للذكاء الاصطناعي دور مهم يلعبه في جهود الرقمنة المحددة في رؤية السعودية 2030، ويدعم هذا الدور صندوق الثروة السيادية في البلاد، ما يعني أن الاستثمار اتجاهه محلي في المقام الأول، على الرغم من أنه ومن أجل الحفاظ على الزخم في وتيرة التقدم التكنولوجي في البلاد، هناك حاجة لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية. وتسعى المملكة العربية السعودية لتكون رائدة عالميًا في تطبيقات التكنولوجيا المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، ويشمل هذا الاستثمارات الأجنبية من قبل صندوق الاستثمار العام، والمبادرات المحلية من قبل الحكومة والقطاع الخاص. وعلى الرغم من وجود مجال لتحقيق وفورات كبيرة في التكاليف وتحسينات في نوعية الحياة، فإن الأثر السلبي على سوق العمل يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار. ويشير انخفاض أجور العمال في المملكة العربية السعودية إلى وجود الكثير من الثمار المعلقة والتي يمكن جنيها كمكاسب للكفاءة الناتجة عن الأتمتة. ومن منظور مالي يتعلق بجودة الحياة، يمكن للأتمتة أن تساعد في تقليل اعتماد المملكة الكبير على العمالة الوافدة، فهناك على سبيل المثال، ما يزيد عن 1.4 مليون سائق يعملون لدى الأسر، فضلًا عن مئات الآلاف من سائقي سيارات الأجرة العامة، الذين لن يكون من الضروري استخدام معظمهم عندما تصبح السيارات ذاتية القيادة وفعالة على نطاق واسع. وعن مدينة «نيوم» السعودية، تحدث ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان آل سعود عن رؤيته لمدينة جديدة مخططة، كل شيء فيها ستكون له صلة بالذكاء الاصطناعي وبمفاهيم إنترنت الأشياء. وكان تعيين أحمد الثنيان، الذي لديه خلفية في الاتصالات وعلوم الحاسوب، كأول نائب وزير للتكنولوجيا والصناعة والقدرات الرقمية في وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ليؤكد التوجه الجديد في سياسة المملكة لاستثمار وتنمية الذكاء الاصطناعي لخدمة أهدافها الاستراتيجية. إضافة إلى ذلك، فإن بعض الأهداف العامة لبرنامج تطوير الرؤية الوطنية 2030، مثل زيادة الاستثمار في الاقتصاد الرقمي، تتلاءم مع التركيز على الذكاء الاصطناعي، ما يجعل الذكاء الاصطناعي محورا رئيسا من محاور رؤية 2030.