يحتفل في بداية كل أكتوبر بيوم المعلم العالمي، وهو يوم يستدعى فيه تذكر وتقدير دور المعلمين في المجتمع وإسهاماتهم في تطوير أفراده، وتحل الذكرى السنوية لهذا العام في ظل حالة من الفوضى التعليمية على مستوى العالم في ظل استمرار جائحة كورونا. وتشير تقديرات اليونسكو إلى أن أكثر من 1.5 مليار طفل تأثروا بسبب إغلاق المدارس، وهي نسبة قريبة من 90% من مجموع الأطفال حول العالم ممن هم في سن المدرسة. ويقدر عدد من حرم التعليم في السنة الماضية بشكل كامل بأكثر من 200 مليون طفل بسبب الفقر وعدم امتلاك التقنيات الحديثة التي تساعدهم في التعلم عن بعد، وقد تسبب إغلاق المدارس بعدد كبير من المشاكل النفسية والصحية للأطفال، لكن تتمثل المشكلة الأكبر بالنسبة للأطفال الفاقد التعليمي. ويمكن تبسيط مصطلح الفاقد التعليمي على أنه الفرق بين ما يتوقع أن يتعلمه الطفل وبين ما تعلمه بالفعل، وقد تسبب إغلاق المدارس، بسبب الخشية من انتشار فيروس كورونا، بكثير من الفاقد التعليمي للأطفال حول العالم. وبالرغم من أن كثيرا من الدول حول العالم فعلت منصات التعليم الإلكتروني ووسائل الإعلام لبث الدروس، إلا أن معظم نتائج الدراسات الحديثة تشير إلى أن هناك فاقدا تعليميا، خاصة في الرياضيات والعلوم، وشملت هذه الدراسات الدول المتقدمة مثل الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا، وجميعها يشير إلى حدوث فاقد تعليمي للأطفال قد يستمر أثره لمدة طويلة، وسوف يؤثر في النمو الاقتصادي على المستوى الوطني والعالمي، حيث إن هناك علاقة طردية بين مستوى التعليم في مجتمع والنمو الاقتصادي؛ لذلك تحرص الحكومات على تمويل التعليم. ومع إعادة فتح المدارس بشكل تدريجي يجد المعلمون ومديرو المدارس أنفسهم في حيرة كيف يتم التعامل مع الفاقد التعليمي للطلبة بعد غياب طويل عن المدارس، وهذه بعض الإستراتيجيات والأفكار التي تقترحها نتائج الدراسات وخبراء التعليم على المعلمين لتخفيف حدة الفاقد التعليمي للطلاب: تحديد أولويات المنهج الدراسي واختيار الموضوعات الأكثر أهمية، حيث إنه لا توجد فرصة لتدريس جميع محتويات المنهج، تفريد التعليم أيضا من الأفكار الجديرة بالتطبيق في هذه المرحلة، وهي تعتمد على فلسفة كل طفل يتعلم بشكل مختلف عن زميله في الفصل؛ لذلك يجب على المعلمين مراعاة الحاجات الفردية لكل متعلم. التدريس الخاص أو التدريس في مجموعات صغيرة هي من الإستراتيجيات الناجحة لتخفيف الفاقد التعليمي للطلاب بعد أشهر طويلة من الغياب عن المدارس، التقييم المستمر للطلاب ومراقبة تطور المتعلم مهم جدا في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ التعليم الحديث. من الممارسات الجديدة أيضا التي تم تطبيقها في بعض المدارس حول العالم خلال الجائحة هي إطالة اليوم الدراسي، وزيادة عدد أيام الدراسة خلال العام، وكذلك فتح المدارس للمتطوعين للعمل في التدريس خلال المساء في حصص التقوية وفي أيام نهاية الأسبوع، وقد يضطر بعض المتعلمين للرسوب وإعادة المقرر، ولكن ينصح بأن يتم فقط إعادة المقرر الدراسي وليس السنة الدراسية لما لترسيب الطلاب من آثار سلبية كثيرة تفوق بكثير المنافع، وقد اقترح بعض الباحثين زيادة سنة دراسية لطلاب التعليم العام لتعويض الفاقد التعليمي، لكن هذا الخيار يبدوا محبطا للطلاب، وكذلك قرار مكلف على وزارة التعليم حول العالم. يقال إن المشاكل غير التقليدية تحتاج لحلول إبداعية وجائحة كورونا هي أزمة غير تقليدية أثرت على كل القطاعات بما فيها التعليم؛ لذلك يجب على مدراء المدارس ومسؤولي التعليم إتاحة الفرص للمعلمين لتجريب طرق وأساليب ومنهجيات تدريس مختلفة، وأن يدعموهم في هذه المرحلة، وفي النهاية لا يسعني إلا الدعاء لكل معلمينا السابقين، ونسأل الله لمن مات منهم الرحمة وطول العمر لمعلمينا الأحياء.. وشكراً للمعلم.