حين أزور مدينة من مدن بلادنا زرتها من قبل، أو كانت زيارتي هي الأولى لها، فإن عيني، وهكذا عادة ما تبحث عن مآذن المساجد بتصاميمها المتباينة بين الطول والقصر، وألوانها المختلفة، وهندستها المتنوعة، ولعل ذلك بسبب ما انطبع في أذهاننا حين كنا نتوجه إلى مكةالمكرمة، فنستبق بعبث الأطفال عمن سيرى أولا مآذن المسجد الحرام! ما أجمل منظر المساجد سواء أكانت مساجد غاية في الهندسة والجمال، أو كانت مبنية من الطين في إحدى نواحي القرية، أو حتى التي تُبنى في الفلاة بحجارة في جوانبها، وحصباء في أرضياتها. إن من تربى على احترام المسجد، وتشرب حُبه وتعظيمه، فهو بلا شك سيراه عظيما في مدينة، أو قرية، أو فلاة. ولذا فإن من الواجب علينا أن نعطي صورا طيبة لسلوكنا داخل بيوت الله، فالاهتمام بها مطلب، والحفاظ عليها واجب. يحز في نفسي رداءة النظافة في كثير من مساجدنا، والتصرفات الخاطئة لكثير من المصلين، والحضور إلى المسجد بقمصان النوم، أو الملبوسات الرياضية، ونحن المأمورين بأخذ الزينة عند الصلاة في المسجد. ولعل أكثرها عرضة للإهمال تلك الموجودة في طرق السفر ملحقة بالمجمعات السكنية، أو محطات الوقود. أتطلع أن أرى في مداخل المساجد لوحات تحث على وجوب الاهتمام بالنظافة الشخصية، واحترام المكان بعدة لغات، كتلك اللوحات الخاصة بإعلانات المحاضرات، والدروس الدينية. إن تعلق القلب بالمسجد أمارة إيمان، ودلالة خير، ستجعل من المؤمن حظيًّا بظل الله يوم القيامة يوم لا ظل إلا ظله. وهذا الفضل العظيم يدفعنا إلى وجوب حبها، واحترامها، وغرس هذا الشعور في نفوس أبنائنا؛ ليعرفوا عظمة هذه البيوت وفضلها.