إذا كانت قرية «شاني شينغنابور» الهندية قد خطفت أنظار العالم، لأن جميع بيوتها وأبنيتها بلا أقفال أو أبواب، على الرغم من أنها تقع في مقاطعة «ماهاراشترا» التي تعد مكانا لأعلى نسب الإجرام في البلاد، فإن مدينة «جبة» السعودية سلبت الألباب، لكونها مدينة بلا أبواب أيضا، لكن لسبب آخر بعيد ومختلف عن السبب الذي بقيت فيه القرية الهندية بلا أبواب أو أقفال. 3 آلاف شخص يعيشون في «شاني شينغنابور»، وهو آمنون تماما، فلا نزاعات بينهم، ولا جرائم. ويؤكد ضابط الشرطة فايبهان بيتكار: «لقد عملت في مدن ومناطق ريفية عدة، لكن لا يوجد مكان خاص في العالم أو الهند مثل هذا المكان»، مشيرا إلى أنه على مدى 40 سنة مضت لم تحدث سرقات في القرية، وسكانها لديهم اعتقاد راسخ بأنهم لن يتعرضوا للسرقة في القرية، ولديهم قناعة تامة بأنهم محميون. في المقابل، فإن «جبة» بلا أقفال ولا أبواب ليس لأنها لا تخشى الجريمة وحسب، بل هي تتعمد ترك بيوتها بلا أبواب في دعوة مفتوحة لكل زائر، ليدخل تلك البيوت، ويكون ضيفا معززا مكرما فيها. «جبة»، التي استرعت انتباه العالم حين دخلت قائمة «اليونسكو» للتراث العالمي، تقع على نحو 100 كلم شمال «حائل»، وكانت قد استرعت انتباه الجميع بعدم وجود أبواب لجل بيوتها، ولا حتى باب للفناء الخارجي، وذلك تقليد قديم فيها، يحرص أهلها على إحيائه، تقديرا وتكريما لضيوفهم، مع ما ترفل بهم بلادنا من نعمة الأمن والأمان، حيث يصمم الأهالي أفنية الرجال دون أبواب، لتكون مفتوحة بشكل مباشر على الشارع، لجذب الضيوف. خازنة التاريخ «جبة» خازنة التاريخ وجواز عبور المؤرخين، تعد من أقدم الحواضر في شمال المملكة، وعاش فيها الثموديون قبل 6 آلاف سنة. وقد تحولت من غابات استوائية مطيرة، ومن بحيرة، تضم بيئات بحرية مختلفة، إلى متحجرات لفظها التصحر، ومن حياة الصيد إلى رعي الحيوانات المستأنسة إثر تقلبات مناخية قبل 6 آلاف سنة، فسيطرت عليها الأجواء الحارة والجافة، مما تسبب في تغير بيئاتها. وفي 2015، سجلت «جبة» في قائمة التراث العالمي بمنظمة «اليونسكو»، بوصفها أحد مواقع التراث العالمي. تصميم البيوت أوضح الشيخ نواف الغالب، أحد وجهاء مدينة «جبة»، أن تصميم البيوت فيها يأخذ بالحسبان، وبكثير من العناية والتركيز، منطقة استقبال الضيوف ومجالس الرجال، حيث يبدو الاهتمام بتفاصيلها جليا، وأكثر من أي جزء آخر في البيت، لما للضيف من تقدير واحترام. وأضاف: «بيوت جبة بلا أبواب منذ القدم، وهذا تقليد قديم تم توارثه جيلا بعد جيل، فمجالس الرجال مفتوحة على الدوام للضيوف، وكل ما يحتاجه الضيف هو دخول المجلس، حيث يحظى بالضيافة الواجبة». وأكمل «الغالب»: «الضيوف والزوار القادمون إلى جبة يلحظون عدم وجود أبواب على مداخل الرجال، ودائما نذكر أن هذا تقدير لهم». وتابع: «أهالي جبة مجبولون على الكرم وحب الضيف، فتجد الضيف يمر على منازل الأهالي، ليحظى بواجب التقدير والتكريم، ويكرم كأنه ضيف المدينة بأكملها»، مشيرا إلى أن «الغالب أن عدم وجود الأبواب بمثابة نعمة كبيرة لما نرفل فيه من نعمة الأمن والأمان، في ظل حكومتنا الغالية، وفرضها الأمن، ولولا ذلك لما استطاع أي منا فتح بابه، وأحيانا السفر والغياب لأيام، تاركا باب مجلسه مفتوحا، آمنا مستأمنا على أهله وبيته». ظاهرة شدد نواف مطلق العبيكة، وهو من سكان «جبة»، ومنزله مفتوح على الشارع بلا باب على أن «وجود بيوت بلا أبواب تقليد وعادة اعتدناها، وقد فعلها قبلنا أباؤنا وأسلافنا، وأذكر أن والدي كان يعمل في الرياض ويقطن في حي النسيم، ولم يكن لفناء مجلس الرجال في البيت باب، بل كان مفتوحا على الدوام». جبة إحدى محافظات منطقة حائل تبلغ مساحتها 12500 كيلو متر مربع تقع وسط صحراء النفود الكبير تبعد 100 كلم شمال مدينة حائل تقع على طريق القوافل القديم، الرابط بين شرق المتوسط وهضبة نجد تعد من أهم المواقع الأثرية من حيث قدم نقوشها، وواحدة من المواقع السعودية المسجلة في قائمة «اليونسكو» منذ 2015 تسكنها نحو 20 ألف نسمة تشتهر بالزراعة، لوفرة المياه بها