يتربع سوق العملات الإلكترونية على الإنترنت، موفقا نفسه عبر منصات رقمية تتيح خاصية تداول العملات المشفرة بمختلف أنواعها. تلك المنصات منها المرخص في دول عدة، وذلك بعدما اضطرت تلك الدول لترخيص المنصات الرقمية للتداول «العملاتي الرقمي» مقابل وجود منصات استغلت وجود اللامركزية واللارقابة بكل هذا النشوء الرقمي في سرقة العملات والأموال وبيانات الحسابات البنكية لمستخدمي المنصات الرقمية للتداول، ثم تدثرت بأرقام وهياكل بورصات وهمية، من شاشات العرض الأفعوانية بالمؤشرات المتذبذبة إلى شاشات سوداء ومواقع لم يعد لها وجود «ولمن المشتكى وأنت لا تعلم من خصمك». سوق العملات الرقمية ينضح بالمراهقين - حفظهم الله، وكذلك نجد أن آلية تداول سوق العملات الإلكترونية عبر المنصات الحديثة تشابه البورصة المالية المعهودة في فلسفة التداول، على الرغم من فارق المخاطر والمنطقية، حيث إن الأول يتيح لك شراء «رقم هوائي»، والآخر يعد رقما يُعبّر عن أصول وأسهم وصناديق مدارة من عقول كبيرة ومنظورة كمشاريع قائمة حولنا، وهنا نعلم أن «الترويج التسويقي» هو العامل ذو الأثر التخين على هذه الفئة، ويشير كذلك إلى تدني مستوى الوعي المقدم للمجتمع عن الفكر المالي والتداول في الأسواق المالية وفهم المال عامةً، فلا يعجب الإنسان من وجود عملات رقمية لها ثمن مرتفع، بل ونجد الآن أن عملة «البيتكوين» تنافس في قائمة أعلى الشركات ثمنًا بالمرتبة السابعة، ولا نتعجب إن نافست العملة شركة «أرامكو» و«أبل» و«مايكروسوفت»، لكن لا يمكن تسميتها سوي «العملة»، في شكوك نطاق أنها كتعويم الشركة، ولا نعلم من هي وكيف ولماذا؟، وكل ذلك برقم تجاوز السبع مائة مليار دولار أمريكي (700 مليار $)!. الأشخاص من يقدمون القيمة للأشياء في نهاية المطاف عبر ارتفاع الطلب عليها، مما يفضي لها بالقيمة، وإن كانت «قشة من أرض زمباوية»، وهنا نجد أن العملات الرقمية هي بذاتها بلا قيمة ولا ثوابت وأصول، فهي مجرد هواء بهذا الشكل، تزرع الوهن في العقول كميزات التشفير الرقمي لكل عملة وأكواد وأرقام خاصة، وهي بلا قيمة في واقع الأمر، وإن كانت محدودة أو ب«تشفير» أو «تعليل»، فإن العملة الصعبة «الدولار» اضطر العالم لربطه بالنفط من أجل إضفاء القيمة له، على الرغم من الحاجة له، فما نحن من عملة بلا شيء يُقومها بذاتها كثمن قويم!، وهذا مما يرى فيه الفقهاء أن العملات الرقمية بهذه الصورة لا تكون في مكانة «المال المتقوم»، مما يجعل تصنيفها ك«بضاعة لا مال متقوم»، ويباح تداولها كبضاعة، وإن كانت في حكم المال، فمحرم تداولها مثل «الفوركس». في نهاية المطاف، ولا شك لدي، أنها هي أوسع باب للاحتيال عبر نظام بونزي الاحتيالي، وهو تصور واسع لحدوثه الآن، إن لم يكن هنالك تدخل رقابي لحل المشكلات اللامركزية لهذه العملات. كما أن صدى الأرباح وأصوات الأثرياء من «البيتكوين» إلا خطوات من تسلسل نظام بونزي الاحتيالي، لجذب أموال أكبر للعملة ولمديريها الذين أنشأوها وروجوا لها، وهم القائمون على هذا النظام (لم تعتقد أنها جاءت من العدم؟). الفارق بين «البيتكوين» ونظام «بونزي» هو اللامركزية، فيمكننا الآن معرفة مصطلح جديد للنظام بمسمى «بونزي اللامركزي» الاحتيالي. وكما هي النهايات، فإن الخسارة ستكون مدوية وتاريخية وبصمة في أسواق المال، تكررها الأجيال في مرتع الكل يستطيع فيه صناعة «عملة» بنقرة إصبع.