نعيش اليوم قصة نجاحات وطنية، يشهد لها العالم بالتقدم والنبوغ، تتجلى في التطوير الكبير والمتنامي، الذي تشهده المملكة في قطاعات كثيرة منها التعليم. فالذي تطالعنا به وزارة التعليم كل عام، في إطار جهودها العظيمة لتطوير العملية التعليمية، وتحسين جودة مخرجاتها، للوصول إلى تعليم متميز، يؤهله لمنافسة أفضل التجارب والممارسات العالمية، ويحقق تطلعات قيادتنا الرشيدة، التي تولي التعليم عناية فائقة، وتقدم له من الدعم ما يمكّنه من أن يكون نظامًا فريدًا ونموذجًا عالميًا رائدًا. قبل أيام أسعدنا حديث معالي وزير التعليم، خلال مؤتمر التقويم الدراسي الجديد لعام 1443، الذي جاء بعد إجراء دراسات متأنية قام بها أكاديميون ومتخصصون، من مختلف القطاعات والمؤسسات التعليمية والأكاديمية، متضمنا تطوير المناهج والخطط الدراسية، والفصول الثلاثة، وما يتبعها من تطويرات إضافية، معلنا بذلك بدء التاريخ الجديد للتعليم السعودي، الذي يعزز القيم الإسلامية والهوية الوطنية، وفي الوقت ذاته يواكب المرحلة التنموية القادمة ومتطلبات الثورة الصناعية الرابعة، بما يحقق أهداف رؤية 2030، التي رسمت المملكة من خلالها انطلاقة جديدة إلى التميز والرقي، في تطوير التعليم عبر شتى مراحله ومختلف مناهجه وطرقه. وللمرة الأولى في تاريخ التعليم في المملكة، يأتي التقويم الدراسي الجديد مختلفا عما عهدناه خلال الأعوام الماضية، حيث أصبح هناك تغير جذري في الفصول والمناهج والإجازات والنظم التعليمية، فكما شاهدنا وسمعنا من خلال تصريحات الوزارة، سيكون العام الدراسي الجديد بنظام ثلاثة فصول بدلا من فصلين، وسيتكون كل فصل من 13 أسبوعا، كما ستكون هناك 12 إجازة أثناء العام وأيضا إجازات نهاية أسبوع مطولة كل فصل دراسي، كذلك إجازة بين كل فصل وآخر، كما يشمل العام الجديد تضمين مواد دراسية جديدة، وتطويرًا للمناهج الحالية كتدريس اللغة الإنجليزية للطلاب من الصف الأول ابتدائي، وإدخال مادة الدفاع عن النفس، وتطوير مادتي العلوم والرياضيات وإعادة تنظيم مفرداتها وإثرائها، وغيرها من التطويرات الإضافية النوعية التي ستؤطر لنقلة تعليمية نوعية، ضمن مشروع تطوير النظام التعليمي في وطننا الغالي، وسيكون لها بإذن الله مردود إيجابي كبير، على استدامة واستمرارية الدراسة. ولا شك أن مزايا التقويم الدراسي للعام القادم متعددة، باعتباره مرحلة جديدة لتطوير المناهج والخطط الدراسية، ومن تلك المزايا أن آلية الفصول الدراسية الثلاثة، ستعالج عدة تحديات تربوية كانت تواجه منظومة التعليم في بلادنا، خلال السنوات الماضية، ومن ذلك انقطاع الطلبة والمعلمين وأعضاء هيئة التدريس، لفترة طويلة خلال إجازة الصيف في نظام الفصلين، مما يؤثر على نواتج التعلم، مع حالة الملل والجمود الناتجة عن طول مدة الدراسية في الفصلين الدراسيين، وهو ما يعد ركيزة لجودة الحياة ورفاه المجتمع، وتقليل الضغوط على المعلم والطالب. وبالتأكيد سيسهم التقويم الجديد في تحسين أداء الطلاب والطالبات، وزيادة مهاراتهم ومخرجات التعليم لديهم، لتكون محققة لما يطلبه سوق العمل، من خلال تعزيز قدراتهم وتمكينهم وتزويدهم بالمهارات اللازمة، في المجالات المختلفة لتناسب متطلبات القرن الحادى والعشرين، في توفير الكوادر المؤهلة لشغل الوظائف المتاحة في كافة المجالات عن جدارة واستحقاق. ويبدو الأثر الإيجابي الذي سيحققه التقويم الدراسي الجديد، أكثر على نتائج المملكة في الاختبارات الدولية، ووضعها في مكانتها اللائقة التي تستحق، كونه سيساعد على رفع الأداء وتعزيز المهارات، وتحسين نتائج الطلاب والطالبات في الاختبارات الدولية، حيث يقدم حلولًا متميزة للنتائج غير المتوقعة للطلاب والطالبات، في الاختبارات الدولية التي جاءت أقل من المنخفض. ليس ذلك وحسب، فالخطط التطويرية الجديدة للتعليم، ستعمل على تطوير وبناء المناهج وفق فلسفة تربوية رائدة، تتناغم مع ديننا الإسلامي الحنيف، وتُواكب مقتضيات العصر وهذا سيتحقق من خلال إعداد المعلم، وتطويره المهني بما يتناسب مع متطلبات معلم القرن الحادى والعشرين، وما يحتاجه من تطوير مهارات، لمواكبة مجريات التطورات الفكرية والمعرفية، والتكنولوجية والصناعية لتعزيز نواتج التعلم ومخرجات التعليم الحديثة. وفي الأخير أهنئ وأبارك لنفسي ولكم، الخطوات الملموسة التي بدأتها وزارة التعليم، والجهود الجبارة التي بذلها أبناؤها المخلصون على مدى عامين كاملين من العمل التفصيلي، للتوصل إلى هذه النتيجة الرئيسة، والتي كان مفادها أن نظام التعليم الحالي يحتاج إلى تطوير حقيقي وعميق، وتغيير تحولي يساهم في صنع مستقبل أفضل لأبناء وبنات الوطن، الذين يستحقون نظاماً تعليمياً يحقق أحلامهم وطموحاتهم، ويضع بلادهم في مصاف دول العالم المتقدم.