شاب لم يتجاوز عمره 30 عاما قرر أن يحتفل مع أصدقائه بيوم ميلاده المؤجل منذ رمضان، اتفقوا على أن يجتمعوا ثالث أيام العيد بعد أن تنتهي جميع المناسبات الاجتماعية الأسرية، بدأوا بالتحضير لذلك اليوم وبطبيعة الحال كان الخمر أساس هذا الاجتماع، فبدأت رحلة البحث عن المكان ومصادر لبيع الكحول، وكان جليا لهم أنها ستكون من الليالي الاستثنائية، تم توفير كل شيء وتجهيز كل ما يلزم وكان ينتظر اليوم الموعود ليحتفل. بدأت هذه السهرة المشؤومة وقد سبق جميع أصدقائه ليبدأ بكأسه الأول، والثاني، والثالث حتى دخل أصدقاؤه ووجدوه مستلقيا نائما، وكانوا يعتقدون أنه فقد وعيه ولكنه فقد حياته بسبب كحول مصنعة ومغشوشة، حاولوا أن يساعدوه على التنفس والتأكد من نبضه لكن فات الأوان، وقف الأصدقاء في حيرة من أمرهم ! ماذا سيفعلون هل يذهبون به إلى المستشفى أو يتصلون بأهله أولا؟ وتم تسجيل وفاته رابع أيام العيد بسبب التحسس من علاج معين بحسب طلب أهل المتوفى وانتهت القصة. والقصص تروى وتحكى وتسمع حول آثار وأضرار الكحول المصنعة الذي يتم تصنيعها بطرق مختلفة ليس في السعودية فحسب بل في كل دول العالم، وعلى إثر ذلك أطلقت منظمة الصحة العالمية الإستراتيجية العالمية للحد من تعاطي الكحول على نحو ضار، والتي أشارت إلى الضرر الذي تعاني منه المجتمعات بسبب الكحول بشكل عام والكحوليات غير المشروعة بشكل خاص والتي تصنع في المنازل وغيرها، والتي قد تؤثر على صحة الإنسان والمؤسف جدا أنها منتشرة وأصبحت ظاهرة لدينا لا يمكن إخفاؤها. نحن جزء من هذا العالم ونتشارك مع مجتمعات العالم نفس الاهتمامات والرغبات، لذلك أستعجب عندما لا أجد أي إحصائيات حول استخدام الكحول في السعودية، ولم أجد أي دراسة اجتماعية تشير إلى ذلك بشكل مباشر، وهذه بطبيعة الحال أزمة نفسية دينية نعيشها، وإخفاء ذلك أو تجاهله لن يغير من الحقيقة شيئا، وإذا ما أردنا أن نعرف نسبة مبيعات الكحول في العالم العربي يجب أن نطالع أرقام البحرين وقطر والإمارات. ولن أشرح أكثر من ذلك. وزارة الداخلية قبل عدة سنوات أقرت العقوبات للقيادة تحت تأثير الخمر وتداعياتها، وقبل ذلك لم تكن نوعية هذه المخالفات موجودة ولكن وزارة الداخلية آمنت بوجودها وتعاملت معها ولم تتخاذل لأنها تعي خطورة انتشار ظاهرة القيادة تحت تأثير الكحول بل حتى أنها قامت بعمليات ضبط واسعة لمصانع الكحول المغشوشة وغيره، وكل ذلك من أجل أن يعيش المواطن والمقيم بسلام وبكل أمان. أما حتى يعيش المواطن والمقيم بكل صحة فيجب أن تتحرك وزارة الصحة أو بالأحرى (هيئة الصحة العامة)، حتى تجاوب على عدة أسئلة جوهرية لا يمكن أن ندعها تمضي أولا: كم عدد الأفراد الذين تأثروا (سواء بمرض أو بوفاة) بسبب الكحول المصنعة؟ ثانيا: لماذا لا توجد أرقام وإحصائيات توضح نسبة استهلاك الكحول؟ ثالثا: أليس من حق المجتمع عليكم أن يعيش بصحة، فماذا فعلتم حتى الآن؟ كل هذه الأسئلة وما يدور حولها ستقود إلى نتيجة واحدة وهي الحد من تعاطي الكحول.