حالة حراك كبيرة تشهدها الجوامع والمساجد، بل حتى المصليات الصغيرة، قبل وأثناء دخول شهر رمضان المبارك على المسلمين، يتبلور ذلك الحراك بصورة حيوية فيمن سيؤم المصلين الذين يتوافدون من كل حدب وصوب على أداء صلاة التراويح، إضافة لصلاة التهجد في العشر الأواخر من رمضان. ويمكن تشبيه الطلب على "الأئمة" والمؤقتين منهم على وجه الخصوص في رمضان كحال "البورصة"، ولكن بصبغة إيمانية صرفة، حيث لم يعد الأمر مرهونا على "مشاهير الأئمة" الذين عرفتهم الساحة المحلية، وأصبحوا محل طلب خليجي ودولي، بل دخل فريق آخر من غير المشاهير أيضا؛ ليصبحوا على رأس القائمة، وهم المنشدون للمقطوعات الإسلامية، الذين يمتلكون "أصواتا جميلة" كشرط أساسي من شروط "الاستقدام والطلب". المساجد الخاصة التي يمكن الإشارة إليها هنا بمساجد رجال الأعمال، تبدأ حالة الاستقطاب في الأسبوعين الأخيرين من شهر شعبان، بالبحث عبر شبكة الأصدقاء، أوالعاملين لديهم في اختيار أئمة مساجدهم. عوض باحطاب، هو أحد هؤلاء الوسطاء بين مساجد رجال الأعمال واختيار الأئمة المناسبين لهذه المساجد. يتلقى باحطاب قبل الإدلاء بتصريحاته إلى "الوطن" اتصالا هاتفيا من أحد المنشدين دون أن يذكر اسمه من أنه وافق على طلب إمامة جامع رجل الأعمال أيضا دون أن يذكر اسمه فقط خلال العشرين الأولى من شهر رمضان، لأنه مرتبط بصلاة العشر الأواخر في مدينة دبي الإماراتية. استقطاب الأئمة في مساجد رجال الأعمال يكون بمكافآت مالية تقديرية تتراوح ما بين 5000 إلى 15000 ريال، وتتطور المبالغ كلما كانت الشهرة أعلى، وبعضهم يطلب سكنا مؤقتا يكون قريبا من الجامع. إمام جامع الراجحي الشهير بجنوب جدة الشيخ عبدالله صالح صنعان، وجه نقدا مباشرا للمساجد التي تعتمد على الأئمة أصحاب الأصوات الحسنة، قال في حديث خاص إلى "الوطن" "للأسف الشديد هناك اعتماد كبير على أصحاب الأصوات الجميلة، وهذا جيد، لكن لن يكتمل حسن الصوت بدون حسن الأداء، والثانية أهم من الأولى، لأن الأمر مرتبط بمخارج الحروف الصحيحة، وقواعد تجويد وترتيل القرآن الكريم". كما لم يكن نقد الشيخ صنعان الذي يملك خبرة إمامة ارتبطت بالصلوات المفروضة والتراويح لثلاثة عقود تقريبا، إلى أصحاب تلك المساجد، بل طالب المسؤولين عن شؤون المساجد بضرورة وضع الضوابط الشديدة للحد من انتشارها، وأوصى المسؤولين في الوزارة أيضا بفتح خط مباشر مع مساجد رجال الأعمال، بالتنسيق معهم في ذلك عبر تأهيل الأئمة أصحاب الأصوات الحسنة بدورات قرآنية كالتنسيق مع جمعيات تحفيظ القرآن الكريم. المواقع الإلكترونية، وشبكات التواصل الاجتماعي "فيسبوك وتويتر"، إضافة إلى برامج التواصل المجانية "الواتس آب والفيبر" في الهواتف النقالة، وأجهزة الآيباد، نشطت في اليومين الأخيرين بشكل متصاعد وكبير في عمليات الترويج للأئمة، وأيام وجودهم للإمامة سواء في داخل أو خارج المملكة، وأصبح الحديث عنهم من خلال هذه الوسائل "سيد الموقف" قبل إعلان هلال رمضان.