وإنّ فقيدًا واحدًا يُذهبُ الحِجا فكيفَ اصطباري والفقيدُ قَبيلُ. يغلبنا الموت مرارًا إذ يتخطّفُ أرواح أحبّتنا دون سابق إنذار... ومع أن المؤمن يكبر وهو في حالة من الرضى والتسليم بأنّ لقاء الله خير.. وبأن أرواح أحبّتنا الذين فارقونا غدت في ضيافته وجواره، إلا أن الحزن يأبى إلا أن يأخذ نصيبه من قلوبنا.. ويحول بيننا وبين تقبّل واقع الغياب المؤلم؛ هذا إن كان الفقيد شخصًا عاديًا ممن حولنا... فكيف إن كان قامةً وقيمة أدبية وثقافية وتربوية، حمل هم دينه ووطنه ودافع عنهما وسطّر قلمه في نشر الوعي، والإشارة إلى مكامن الخلل سعيًا للبحث عن حلول.! عندما يرحل الكبار.. تنقص الأرض من أطرافها، وتغيب شعلة كانت تنشر ضياءها ونورها على من حولها. حين رحل فقيدنا ترك وراءه فراغًا كبيرًا يصعب ملؤه... وقلوبًا مليئة بمحبته.. وعلمًا يُنتفع به... و(شاهدًا) سينتفع به أئمة المساجد والعوام إلى ما شاء الله. ولعلّ عزاءنا الأكبر يكمن في ذلك. لا الدمع يكفكف آلام الرحيل، ولا الوجع الضارب في أعماق النفس يخفف لوعة الفقد، ولا راد لقضاء الله. إن العين لتدمع... وإن القلب ليحزن... وإنا على فراقك لمحزونون.. ولا نقول إلا ما يرضي ربنا.. فلله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى.. وإنا لله وإنا إليه راجعون. * في رثاء عمي المربي الفاضل عبيد السويهري رحمه الله.