الأخطاء الطبية والتعويض عنها، من الموضوعات ذات الأهمية القصوى في العالم أجمع، ويرجع ذلك إلى أن تقدير عدد الذين يموتون على مستوى العالم، فضلا عن الذين يصابون بسبب الخطأ في المعالجة الطبية، هو في كل ستين ثانية وليس كل ستين دقيقة، والموضوع شائك ليس اليسير. كان هذا موضوع رسالتي للدكتوراه «العالِمية» في قسم الفقه بجامعة الإمام بعنوان: «الأخطاء الطبية والتعويض عنها، دراسة فقهية تطبيقية». وكانت أولى توصياتي في الرسالة: «إنشاء محكمة مستقلة تعنى بالنظر في قضايا الأخطاء الطبية، ذلك لأن هذه الأخطاء تزداد يومًا بعد يومٍ، ولعدم تفرغ القضاة للنظر فيها وانشغالهم البالغ بغيرها من القضايا بأنواعها المختلفة». وقد وافق المجلس الأعلى للقضاء برئاسة وزير العدل، رئيس المجلس المكلف الشيخ الدكتور وليد بن محمد الصمعاني وفقه الله، على نقل اختصاص الهيئات الصحية الشرعية، في وزارة الصحة إلى دوائر متخصصة في محكمة الاستئناف بمنطقة الرياض، والمحكمة العامة بمدينة الرياض، كما وافق المجلس على تخصيص قضاة للعمل في تلك الدوائر بناءً على: الكفاءة القضائية، والتأهيل العلمي، والخبرة العملية. ولا شك في كون نقل ما يتعلق بقضايا الأخطاء الطبية كافة، لمظلة الوزارة المنوطة بهذه القضايا - أعني وزارة العدل طبعًا- مع الاستفادة المثلى من خبرة الأطباء والصيادلة، كأهل ذكر وأصحاب خبرة، أمرا جيدا، وقد أولى نظام المرافعات الشرعية الخبرة وأهلها كبير عناية، فقد خصص للخبرة الفصل السادس من الباب التاسع من النظام. وهذا النقل هو بمنزلة رد الأمور لوضعها الطبيعي، ونصابها المحقق للإنجاز والتعزيز، وهو يؤكد ما يشهده مرفق العدالة من دعم واهتمام كبيرين، يواكبان التطور الشامل الذي تشهده المملكة، ولا يغيب كونه امتدادًا لمشاريع الأنظمة، التي أعلن عنها سمو ولي العهد وفقه الله. ومما يحسن ذكره هنا أن المواد من 33 -38 ولوائحها التنفيذية من نظام مزاولة المهن الصحية بالمملكة، قد أوضحت بجلاء ما يجري حيال الأخطاء الطبية كافة، وما هو معمول به حاليًا.