"النوستالجيا" كمفهوم هي الحنين إلى ماض مثالي أو هي حالة عاطفية نصنعها نحن في إطار معين وفي أوقات وأماكن معينة، أو يمكن وصفها بأنها عملية يتم فيها استرجاع مشاعر عابرة ولحظات سعيدة من الذاكرة وطرد جميع اللحظات السلبية، والجدير بالذكر أن نسبة 80% من الناس يشعرون بالنوستالجيا مرة على الأقل أسبوعياً! هل تساءلت يوماً عن سر ذلك الحنين، وذلك الشعور الذي يطاردك عندما تزور بيتك القديم الذي عشت فيه أيام طفولتك أو شبابك، تلك الرائحة المألوفة، ذاك الاطمئنان الذي تشعر به عندما تذهب إلى مكانٍ من الماضي، غرفتك القديمة، الصور العائلية، متعلقاتك الشخصية القديمة زمن الطفولة الخالي من المسؤوليات والمخاوف، عندما كان كل شيء جيدا، وكان الجميع سعداء! وتتمنى لو أنك تستعيد تلك الحياة ولو للحظات أنت هنا في حالة "النوستالجيا". يقول الخبراء إن "النوستالجيا" هي آلية دفاع يستخدمها العقل لرفع المزاج وتحسين الحالة النفسية، لذا فإنها تكثر في حالات الملل أو الشعور بالوحدة خاصة عند كبار السن، أي عند شعور الإنسان بأن حياته فقدت قيمتها وأصبحت تتغير للأسوأ، فيقوم العقل باستدعاء ذكريات الماضي الطيبة بدفئها وعواطفها، فتعطيه تلك الذكريات الدفعة التي يحتاجها للتعامل مع التحديات الحالية، فالنوستالجيا هي حالة نفسية يعيش فيها الناس لحظات ليستعيدوا حياتهم ويشعروا بقيمتهم، وهي من السبل الناجحة في صد الاكتئاب "وقتيا"، فتشعر بأن حياتك البائسة كانت ذات قيمة يوما ما. إن الماضي الذي نصفه بزمن الطيبين ليس إلا ملجأ للهروب من الفشل في الحاضر والعجز عن مواكبة التطور والحداثة والعمل الجاد لتحقيق النجاحات في شتى المجالات. بل الحياة في زمن الطيبين قد تكون قاسية من الجوانب المادية والصحية وتوفر الماء الكهرباء والغذاء أحيانا وشح متطلبات الحياة الأساسية وهذه حقيقة يعلمها الجميع. ولكن تكرار الرجوع للماضي والاهتمام به والتركيز عليه في النقاشات والاهتمامات ونقلة للآخرين بأي طريقة، فهذا قد يصل لمفهوم الفشل في الحاضر وانعدام خطط المستقبل. لو أن ما فعلته بالأمس يبدو عظيما، فهذا يعني أنك لم تفعل شيئا اليوم.