يعد الاكتئاب أحد أمراض العصر المنتشرة على نطاق واسع، حيث تشير الدراسات إلى أن خمس سكان الولاياتالمتحدةالأمريكية يمرون بتجربة اكتئاب في إحدى مراحل حياتهم. وعلى الرغم من التقدم الحاصل في تفهم المجتمع لماهية الاكتئاب، ما زال هذا المرض من الأمراض التي يحمل المجتمع عنها فكرا خطأ. ولربما أن الشعور بأن هذا المرض وصمة ليست بالحسنة هو ما يدفع كثيرين إلى عدم البحث عن مساعدة المختصين. تشخيص مريض الاكتئاب من العمليات المكلفة من الناحية المادية، وأيضا من ناحية احتياجها لوقت طويل للوصول للتشخيص السليم. حيث يحتاج المريض إلى الحضور لعدد من الجلسات التي يستمع إليه فيها الطبيب المختص. التكلفة المادية واستغراق الوقت الطويل للوصول للتشخيص السليم دفع كثيرين إلى ابتكار تقنيات تساعد الأطباء وعلماء النفس في عملهم. يعد تسهيل عمل الأطباء ودعمهم من أهم مسببات إدخال التكنولوجيا في المجال الصحي تحديدا. حيث يمكن تحقيق فوائد كثيرة إذا تم ابتكار تقنيات تقدم كأدوات (أو خدمات) يستخدمها الأطباء في عملهم، تماما كما يستخدم الطبيب سماعته. أي أن هناك مزايا في ابتكار تقنيات تساند الأطباء لا أن تستبدلهم. استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتشخيص حالات الاكتئاب تم بالفعل منذ زمن. بل واستطاع هذا المجال البحثي تحقيق تقدم جيد. ومن هذه الأبحاث ما قمت به البروفيسورة جين فوكس تري (Jean Fox Tree) من قسم علم النفس بجامعة كاليفورنيا سانتا كروز (UC Santa Cruz)، بالتعاون مع الدكتورة سنيجدا شاتورفيدي (Snigdha Chaturvedi) من قسم علوم الحاسب بجامعة شمال كارولاينا (University of North Carolina). حيث تم ابتكار خوارزمية يمكنها الاطلاع على تقارير المقابلات التي تتم مع الأشخاص المحتمل إصابتهم بالاكتئاب، ومن ثم تقوم الخوارزمية بتحديد ما إذا كان هذا الشخص مصابا فعلا بالاكتئاب من عدمه. المميز في هذه الخوارزمية ليس إمكانية تحديد إصابة الشخص بالاكتئاب فقط، ولكن إمكانيتها العمل بشفافية لمساندة الطبيب المعالج. حيث تقوم الخوارزمية بعرض الكلمات المفتاحية التي ترد في تقرير المقابلة والتي جعلتها تتخذ قراراتها. فمثلا يمكن للخوارزمية أن تعرض المفردات السلبية التي ذكرها المريض والتي جعلت من الخوارزمية تتخذ قراراً بأن هذا الشخص يعاني من الاكتئاب. بمعنى أن الخوارزمية تعرض للطبيب الكلمات المفتاحية اللازمة للوصول للتشخيص السليم. ليس ذلك فحسب، بل إن خوارزمية الذكاء الاصطناعي تلك يمكنها تبصير الطبيب بمفردات جديدة تنتمي لنفس المجموعة اللغوية، ويمكنها اقتراح هذه المفردات الجديدة على الطبيب المعالج لكي يتنبه لها أثناء تشخيصه للحالات الأخرى.