من جديد يؤكد مهرجان الأفلام السعودية رسوخ قدمه كداعم رئيس دؤوب مشغول بهم الإبداع السينمائي، ودور لا يفتأ يتحف الجمهور بمشاركات جميلة طافحة بهموم الإنسان والتجارب الشبابية في المجتمع. رغم تباعد تواريخ انعقاده، إلا أنه تجاوز مرحلة التأسيس التي بدأت انطلاقة دورته الأولى في مرحلة مبكرة عام 2008، وذلك قبل التصريح الرسمي بالموافقة على إصدار تراخيص للراغبين في فتح دور للعرض السينمائي في المملكة في ديسمبر 2017، وشارك في تلك الدورة 44 فيلماً. وبعد توقف دام 7 سنوات أقيمت الدورة الثانية في عام 2015، وتنافس فيها 66 فيلماً و34 سيناريو، فالدورة الثالثة عام 2016، وتنافس فيها 55 سيناريو و70 فيلما على جوائز هذه الدور، ثم بعد ذلك نظمت الجمعية العربية للثقافة والفنون الدورة الرابعة لمهرجان أفلام السعودية عام 2017 بشراكة مع مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء)، وانطلق المهرجان في هذه الدورة بمشاركة 136 فيلماً وفي السيناريو 116 مشاركة، أعقبتها بعد سنتين انطلاقة الدورة الخامسة عام 2019 وبلغ مجموع المشاركات المسجّلة 154 فيلماً و186 سيناريو، والدورة السادسة الحالية للمهرجان في سبتمبر 2020 بلغ عدد المشاركات 384 مشاركة سينمائية سعودية، كان نصيب السيناريو منها 279 مشاركة، و105 للأفلام. وكان توزيع المشاركات في مهرجان الأفلام السعودية في معظمها بين الفيلم القصير، والفيلم الوثائقي، والسيناريو غير المنفذ، وبلغ المجموع الكلي للمشاركات منذ تأسيس المهرجان 1245 مشاركة، منها 575 فيلماً منفذاً. وتتبوأ قضية الكبت والهموم والحواجز الاجتماعية التي تمنع المرأة من نيل حقوقها الصدارة في المشاركات، فيما تحتل الكوميديا وأفلام الأكشن والمغامرات الدرجات الأقل. التكنيك العملي والتقني لدى غالبية المشاركات يتطور شيئاً فشيئاً، وهذا الأمر لا يعيبه شيء في ظل سهولة استخدام التطبيقات والأجهزة الحديثة والإخراج، إلا أن الأفكار ما زالت ضعيفة بعض الشيء، وربما يحتاج المجتمع لمزيد من التثقيف ورفع مستويات الوعي. كما أن الملاحظ أن كثيرا من المشاركات تعتمد على أحادية الرؤية من قبل الكاتب والمخرج الذي هو شخص واحد، فيما أن العمل السينمائي يحتاج إلى دعم في تعدد الرؤى، فالكاتب له رؤية، والممثل له رؤية، والمصور له رؤية، والمنتج له رؤية، والمخرج له رؤية، لكن إن كانت محصورة كل هذه الرؤى في المخرج تصبح الرؤية ضيقة جداً، وهذا يحدث كثيراً عند الشباب المقبلين على هذه الصناعة ونظرة التفرد في العمل تجعل من العمل محدود الأفق. القراءة والتثقيف في شتى المعارف يجعلان قوانين الحياة معلومة عند القائمين على هذه الصناعة، والذين يعدون صفوة قيادة المجتمع نحو السمو والتعالي عن السفاسف. مع تلك الجماليات الواضحة في العروض، إلا أن المهرجان على الشاشة بحاجة إلى عمل فواصل واضحة بين فقرة وأخرى وفيلم وآخر، أولاً لدقة احتساب التوقيت للفيلم، ثانياً لعدم تداخل الأفكار مع بعضها البعض، حيث لوحظ أن الفيلم الحالي ينتهي بهدوء، ويبدأ التتر للفيلم التالي بهدوء آخر فتظن أن الفيلم لازال مستمراً فتتفاجأ باختلاف الفكرة دون تنويه لو بفاصل عد تنازلي قصير. على أن ذلك لا ينقص شيئاً من جمالية المهرجان ومتعة المشاهدة. وهذه الدورة هي الأولى التي ستفتح آفاقا جديدة نحو إجادة بث العروض مباشرة ومتابعتها عن بعد من جميع بقاع العالم، حيث التحول إلى عالم رقمي جديد.