يقول المثل المصري الدارج "طباخ السم بيذوقو"، لكن يبدو أن الصحفيين الذين تنشغل صحفهم بتغطية أحداث المونديال الجنوب أفريقي الحالي، بالكاد "يذوقون" حلاوة متابعته ومتعته، حيث تأخذهم لحظات العمل، واللهاث خلف الخبر من فرصة متابعة أحداث مبارة بكامل دقائقها. ومع اتفاق هؤلاء على أن البطولة حملت عدداً من المفاجآت، وشهدت كثرة في الأخطاء التحكيمية، وعلى الرغم من حزن بعضهم لخروج بعض المنتخبات الأوروبية بسرعة، ولأن مستوى المونديال الحالي لم يرتق لمستويات البطولات السابقة، إلا أن ذلك لم يثنهم عن أداء الواجب، في وقت توقعوا فيه تغيراً في الخارطة الكروية العالمية مع ظهور بعض المنتخبات واختفاء المنتخبات التقليدية الكبيرة. يؤكد مسؤول تحرير ملحق "عالم الرياضة" بصحيفة الشرق الأوسط الزميل يحيي مزهر أنه لا يستطيع متابعة كل المباريات بسبب العمل الدؤوب، مبدياً في نفس الوقت إعجابه بمارادونا وبمنتخب الأرجنتين. وأشار إلى أن ما لفت نظره في المونديال الحالي هو التشجيع الجماهيري الذي اعتبره "ملح" البطولة، إضافة إلى التصريحات النارية التي ظل بعض مدربي المنتخبات يطلقونها، مضيفاً أن خروج المنتخب البرازيلي كان مفاجأة بالنسبة له، رغم أنه يميل للتجديد لا للتقليد، ويرى في خروج السامبا حالة صحية لإعطاء البطولة نوعاً من الحماس في المباريات المتبقية، وإبراز منتخبات جديدة تنافس على اللقب. واعتبر مزهر خروج منتخبات مثل فرنساوإنجلترا أمراً عادياً في ظل تطور كرة القدم. بدوره، أكد سكرتير التحرير بصحيفة "الرياضي" الزميل علي مسعود أنه لا يستطيع متابعة المباريات لأن توقيتها يصادف ذروة العمل، وقال" في وقت المباراة أكون مشغولاً بمتابعة الأخبار، فهناك عين على المباراة وأخرى على المادة التي أقوم بتحريرها، خاصة وأن الصحافة قائمة على الوقت"، واصفاً البطولة بالضعيفة من حيث المستوى قياساً بما سبقها من بطولات لخروج البلد المنظم جنوب أفريقيا، وأن ما لفت نظره أن الناس يتذكرون مباريات بعينها مثل لقاء انجلتراوألمانيا، وليست البطولة بأكملها وهذا دليل على ضعف مستواها. وأوضح مسعود أن التفاعل مع المونديال ضعيف في المملكة لغياب الأخضر عن المشاركة، معبراً عن سعادته بخروج البرازيل رغم أن ذلك كان مصدر حزن للجمهور الخليجي لعشقه للكرة البرازيلية، وفي نفس الوقت أبدى أسفه لخروج غانا، ورشح ألمانيا للفوز باللقب. من ناحيته، أرجع الصحفي في صحيفة "الرياضية" إبراهيم عوض الفوز الكبير لألمانيا على الأرجنتين في دور الثمانية أول من أمس إلى تجديد دماء المنتخب بلاعبين شباب عما كان عليه في مونديال 2006، مشيراً إلى أن المنتخب الألماني استوعب الدرس من بدايته المتعثرة وخسارته في المباراة الأولى أمام صربيا صفر/1 في المجموعة الرابعة، وأثبت أنه يتمتع بفكر كروي ويتسم أداء لاعبيه بالحركة والسرعة. ووصف البطولة بالمونديال المجنون، وأكد أن الخارطة الكروية العالمية بدأت تتغير وستشهد بروز منتخبات جديدة كصربيا وسلوفينيا وسلوفاكيا ومنتخب غانا، واختفاء منتخبات تقليدية عريقة. وحول طبيعة عملهم خلال المونديال وإن كانوا يتابعون المباريات بشغف كما الجمهور العادي، أكد أن وكالات الأنباء ساعدت الصحافيين كثيراً، وسهلت عملهم من خلال توفير المعلومات والصور، مشيراً إلى أنه يتابع بعض المباريات بالتنسيق مع زملائه. ولايبدو الركض في بقية صحف الدول العربية مختلفاً، فهو يبدو نسخة مماثلة في سوريا، حيث يقول رئيس القسم الرياضي في صحيفة الثورة اليومية الزميل هشام اللحام "طبيعة العمل جعلتنا نتابع المونديال بدقة متناهية، ولكن بغير عيون المتابعين العاديين ومشاعرهم، وأحياناً نفقد المتعة بسبب هذه المتابعة، لأن المطلوب منا أن ندون كل شاردة وواردة في المباراة، وليس بمقدورنا أن نتفاعل مع كل حركة وهدف ولا أن نفرح أو نغضب عقب المباراة بسبب ضغط العمل". وأضاف" حاولنا عمل جو خاص فالزميل الذي يفوز منتخبه يقوم بتوزيع الحلوى". وتابع" فوجئت بخروج إيطاليا وكنت أتوقع من إنجلترا أن تسير إلى أدوار متقدمة أكثر، كما لفت نظري الفكر الكروي العالي للمنتخب الألماني رغم مشكلته الدفاعية، وإن كان يعوض ذلك بقدرته الهجومية العالية". من جانبه، أكد الزميل خالد عرنوس من صحيفة "الوطن" السورية أنهم يحاولون الحضور مبكراً لتجهيز الصفحات وتداول الأمور المهنية فيما بينهم قبل أن تبدأ المباريات، وأنهم يعملون 12 ساعة يومياً لإخراج صفحات مميزة مصحوبة بالأرقام والتحاليل. وأشار إلى أنه يتابع جميع المباريات بدقة، وظل حريصاً على عدم تفويت أي مباراة، حيث يتابعها مع زملائه في العمل أو في البيت مع إخوانه، وأضاف أنه يكره متابعتها في المقاهي المزدحمة، لأن غالبية زبائنها يحاصرونه بالأسئلة أثناء تركيزه مع المباراة. من جهته، سرد الزميل محمود قرقورا في "الوطن" السورية أنه وزميله عرنوس يعيشان أجواء المونديال منذ نحو العام ونصف العام حيث أعدا كتاباً عن المونديال، وأكد أنهم داخل مكاتب الجريدة يعيشون كخلية نحل حيث يقوم رئيس القسم المدرب فجر ابراهيم بالتحليل الفني، كما أن الحكم الدولي السابق العميد فاروق بوظو يكتب من جنوب أفريقيا مقالاً يومياً، إضافة إلى جهود بعض الزملاء في رصد وتحليل المباريات وتوثيقها، وأشار إلى أنه من محبي المنتخب الإنجليزي، وأنه فوجئ بخروجه المبكر. بدوره يرى مسؤول تحرير الصفحات العالمية في صحيفة "الرياضية" السورية الزميل عماد الأميري أن ضغط العمل جعله لا يتابع المباريات في مواعيدها على الهواء مباشرة، ويضطر إلى متابعتها عند إعادتها في اليوم التالي،مشيراً إلى أن أذواق زملائه منقسمة بين منتخب وآخر، لكن الغالبية منهم كانوا يشجعون منتخبي البرازيل والأرجنتين، بينما شجع هو إيطاليا، وقال "أزعجني إقامة المونديال في جنوب أفريقيا، وكنت أتمنى لو أقيم في أوروبا، وزاد حزني بخروج بعض المنتخبات الأوروبية العريقة تباعاً"/ موضحاً أن البطولة حافلة بالأخطاء التحكيمية الفاضحة وأن الفيفا يجب أن يتحرك للقيام بثورة تحكيمية سواء بالاستعانة بحكم خامس أو بالتكنولوجيا. من جانبهما، أكد الزميلان خالد شويكي وزاهر بدران من صحيفة "تشرين" السورية أنهما يستمتعان بمتابعة المباريات مع الزملاء داخل الصحيفة رغم ضيق الوقت بسبب الملحق اليومي الذي يصدرونه، مشيرين إلى أن المونديال شكل لهم فرصة التعاون مع كل الطاقم التحريري في المحافظات لتقديم مادة نوعية تهتم بكل شرائح المجتمع. وقالا "حاولنا قدر الإمكان مواكبة هذا الحدث الكبير بإصدار ملحق يومي هو الأول في سوريا، نال إعجاب ومتابعة الجميع، ورصدنا فيه كل الحالات والآراء واستقطبنا الخبرات والمحللين وفي كل يوم بيننا فنان أو فنانة أو وجه ثقافي يدلي برأيه في البطولة". وأضاف" نستمتع بالمشاهدة مع الزملاء لكن ركضنا وراء متابعة أدق التفاصيل للحدث يفقدنا بهجة الاحتفال مع المحتفلين". وفي السياق نفسه، أشار الزميلان أيمن بندقجي وصفوان الهندي من صحيفة "الأسبوع الرياضي" السورية أن المونديال فرصة للاجتماع مع زملاء المهنة، وما لفت انتباهما في البطولة هو تطور أساليب اللعب وغياب النجوم المميزين وكثرة الأخطاء التحكيمية وخروج منتخبات عريقة مبكراً.